وَجَبَ، وَإِلَّا فَلَا، وَالْقَائِلُونَ بِجَوَازِ الِاسْتِسْلَامِ، مِنْهُمْ مَنْ يُزِيدُ وَيَصِفُهُ بِالِاسْتِحْبَابِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ، وَإِنْ كَانَ الصَّائِلُ مَجْنُونًا، أَوْ مُرَاهِقًا، فَقِيلَ: لَا يَجُوزُ الِاسْتِسْلَامُ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُمَا لَا إِثْمَ عَلَيْهِمَا، كَالْبَهِيمَةِ، وَالْمَذْهَبُ طَرَدَ الْقَوْلَيْنِ لِحُرْمَةِ الْآدَمِيِّ، وَرَضَيَ بِالشَّهَادَةِ. وَهَلْ يَجِبُ الدَّفْعُ عَنِ الْغَيْرِ؟ فِيهِ ثَلَاثُ طُرُقٍ، أَصَحُّهَا: أَنَّهُ كَالدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ، فَيَجِبُ حَيْثُ يَجِبُ، وَلَا يَجِبُ حَيْثُ لَا يَجِبُ، وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِالْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ لَهُ الْإِيثَارَ بِحَقِّ نَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ، وَالثَّالِثُ وَنَسَبَهُ الْإِمَامُ إِلَى مُعْظَمِ الْأُصُولِيِّينَ: الْقَطْعُ بِالْمَنْعِ؛ لِأَنَّ شَهْرَ السِّلَاحِ يُحَرِّكُ الْفِتَنَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ شَأْنِ آحَادِ النَّاسِ، وَإِنَّمَا هُوَ وَظِيفَةُ الْإِمَامِ، وَعَلَى هَذَا هَلْ يَحْرُمُ أَمْ يَجُوزُ؟ فِيهِ خِلَافٌ عَنْهُمْ، فَإِنْ أَوْجَبْنَا، فَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ، ثُمَّ قَالَ الْإِمَامُ: الْخِلَافُ فِي أَنَّ آحَادَ النَّاسِ هَلْ لَهُمْ شَهْرُ السِّلَاحِ حِسْبَةً لَا يَخْتَصُّ بِالصِّيَالِ، بَلْ مَنْ أَقْدَمَ عَلَى مُحَرَّمٍ، مِنْ شُرْبِ خَمْرٍ أَوْ غَيْرِهِ، هَلْ لِآحَادِ النَّاسِ مَنْعُهُ بِمَا يَجْرَحُ وَيَأْتِي عَلَى النَّفْسِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: نَعَمْ نَهْيًا عَنِ الْمُنْكَرِ، وَمَنْعًا مِنَ الْمَعْصِيَةِ. وَالثَّانِي: لَا؛ خَوْفًا مِنَ الْفِتَنِ، وَنُسِبَ الثَّانِي إِلَى الْأُصُولِيِّينَ، وَالْأَوَّلُ إِلَى الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ الْمَوْجُودُ لِلْأَصْحَابِ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ، حَتَّى قَالَ الْفُورَانِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ: مَنْ عَلِمَ خَمْرًا فِي بَيْتِ رَجُلٍ، أَوْ طَنْبُورًا، وَعَلِمَ شُرْبَهُ أَوْ ضَرْبَهُ، فَلَهُ أَنْ يَهْجُمَ عَلَى صَاحِبِ الْبَيْتِ، وَيُرِيقَ الْخَمْرَ، وَيَفْصِلَ الطُّنْبُورَ، وَيَمْنَعَ أَهْلَ الدَّارِ الشُّرْبَ وَالضَّرْبَ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا، فَلَهُ قِتَالُهُمْ وَإِنْ أَتَى الْقِتَالُ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ مُثَابٌ عَلَى ذَلِكَ، وَفِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ إِبْرَاهِيمَ الْمَرْوَذِيِّ أَنَّ مَنْ رَآهُ مُكِبًّا عَلَى مَعْصِيَةِ مِنْ زِنَى أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ، أَوْ رَآهُ يَشْدَخُ شَاةً أَوْ عَبْدًا، فَلَهُ دَفْعُهُ، وَإِنْ أَتَى الدَّفْعُ عَلَيْهِ، فَلَا ضَمَانَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute