مُنْتَشِرَةً لَيْلًا، فَإِذَا تَرَكَهَا لَيْلًا، فَقَدْ قَصَّرَ، فَضَمِنَ، وَلَوْ جَرَتِ الْعَادَةُ فِي نَاحِيَةٍ بِالْعَكْسِ، فَكَانُوا يُرْسِلُونَ الْمَوَاشِيَ لَيْلًا لِلرَّعْيِ، وَيَحْفَظُونَهَا نَهَارًا، وَكَانُوا يَحْفَظُونَ الزَّرْعَ لَيْلًا، فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: يَنْعَكِسُ الْحُكْمُ، فَيَضَمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ بِالنَّهَارِ دُونَ اللَّيْلِ اتِّبَاعًا لِمَعْنَى الْخَبَرِ وَالْعَادَةِ. وَالثَّانِي: لَا تَأْثِيرَ لِلْعَادَةِ وَيَتَعَلَّقُ بِهِ فُرُوعٌ.
الْأَوَّلُ: الْمَزَارِعُ فِي الصَّحْرَاءِ وَالْبَسَاتِينُ الَّتِي لَا جِدَارَ لَهَا، حُكْمُهَا مَا ذَكَرْنَا، أَمَّا إِذَا كَانَ الزَّرْعُ فِي مَحْوَطٍ، وَكَانَ لِلْبَسَاتِينِ بَابٌ يُغْلَقُ، فَتَرَكَهُ مَفْتُوحًا فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: الْحُكْمُ كَذَلِكَ لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ وَلِأَنَّ الْعَادَةَ حِفْظُ الْبَهَائِمِ وَرَبْطُهَا لَيْلًا، فَإِرْسَالُهَا تَقْصِيرٌ، وَأَصَحُّهُمَا: لَا ضَمَانَ وَإِنْ أَتَلَفَتْ بِاللَّيْلِ؛ لِأَنَّ التَّقْصِيرَ مِنْ صَاحِبِ الزَّرْعِ بِفَتْحِ الْبَابِ.
الثَّانِي: إِنَّمَا يَعْتَادُ إِرْسَالَ الْمَوَاشِي إِذَا كَانَ هُنَاكَ مَرَاعٍ بَعِيدَةٌ عَنِ الْمَزَارِعِ، وَحِينَئِذٍ إِنْ فَرَضَ انْتِشَارَهَا إِلَى أَطْرَافِ الْمَزَارِعِ، لَمْ يُعَدْ تَقْصِيرًا، فَأَمَّا إِذَا كَانَتِ الْمَرَاعِي مُتَوَسِّطَةً لِلْمَزَارِعِ، أَوْ كَانَتِ الْبَهَائِمُ تَرْعَى فِي حَرِيمِ السَّوَاقِي، فَلَا يَعْتَادُ إِرْسَالَهَا بِلَا رَاعٍ، فَإِنْ أَرْسَلَهَا، فَمُقَصِّرٌ ضَامِنٌ لِمَا أَفْسَدَتْهُ وَإِنْ كَانَ نَهَارًا، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ.
الثَّالِثُ: لَوْ رَبَطَ بَهِيمَتَهُ، وَأَغْلَقَ بَابَهُ، وَاحْتَاطَ عَلَى الْعَادَةِ، فَفَتَحَ الْبَابَ لِصٌّ، أَوِ انْهَدَمَ الْجِدَارُ، فَخَرَجَتْ لَيْلًا، فَلَا ضَمَانَ، إِذْ لَا تَقْصِيرَ، وَلَوْ قَصَّرَ صَاحِبُ الْبَهِيمَةِ، وَحَضَرَ صَاحِبُ الزَّرْعِ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى تَنْفِيرِهَا، فَلْيَفْعَلْ، فَإِنْ تَهَاوَنَ فَهُوَ الْمُقَصِّرُ الْمُضَيِّعُ لِزَرْعِهِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الصَّحِيحِ. وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُبَالِغَ التَّنْفِيرَ وَالْإِبْعَادَ، بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ، فَإِنْ زَادَ، فَضَاعَتْ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْمَرْوَذِيُّ: لَزِمَهُ الضَّمَانُ وَتَصِيرُ دَاخِلَةً فِي ضَمَانِهِ بِالتَّبْعِيدِ فَوْقَ قَدَرِ الْحَاجَةِ، وَلَوْ أَخْرَجَهَا مِنْ زَرْعِهِ وَأَدْخَلَهَا فِي زَرْعِ غَيْرِهِ، فَأَفْسَدَتْهُ، لَزِمَهُ الضَّمَانُ. فَإِنْ كَانَتْ مَحْفُوفَةً بِمَزَارِعِ النَّاسِ، وَلَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute