الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ الَّتِي اسْتَخْلَفَ فِيهَا، صَحَّتْ لَهُ الْجُمُعَةُ وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ لِلْخَلِيفَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَالَ الْأَصْحَابُ: هُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى صِحَّةِ الْجُمُعَةِ خَلْفَ مُصَلِّي الظُّهْرِ. وَتَصِحُّ جُمُعَةُ الَّذِينَ أَدْرَكُوا مَعَ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ رَكْعَةً بِكُلِّ حَالٍ، لِأَنَّهُمْ لَوِ انْفَرَدُوا بِالرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، كَانُوا مُدْرِكِينَ لِلْجُمُعَةِ، فَلَا يَضُرُّ اقْتِدَاؤُهُمْ فِيهَا بِمُصَلِّي الظُّهْرِ أَوِ النَّفْلِ.
فَرْعٌ
هَلْ تُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْقُدْوَةِ بِالْخَلِيفَةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ؟ وَجْهَانِ. الْأَصَحُّ: لَا يُشْتَرَطُ. وَالثَّانِي: يُشْتَرَطُ، لِأَنَّهُمْ بِحَدَثِ الْأَوَّلِ صَارُوا مُنْفَرِدِينَ. وَإِذَا لَمْ يَسْتَخْلِفِ الْإِمَامُ، قَدَّمَ الْقَوْمُ وَاحِدًا بِالْإِشَارَةِ. وَلَوْ تَقَدَّمَ وَاحِدٌ بِنَفْسِهِ، جَازَ، وَتَقْدِيمُ الْقَوْمِ أَوْلَى مِنَ اسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ، لِأَنَّهُمُ الْمُصَلُّونَ. قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَلَوْ قَدَّمَ الْإِمَامُ وَاحِدًا، وَالْقَوْمُ آخَرَ، فَأَظْهَرُ الِاحْتِمَالَيْنِ: أَنَّ مَنْ قَدَّمَهُ الْقَوْمُ أَوْلَى. فَلَوْ لَمْ يَسْتَخْلِفِ الْإِمَامُ، وَلَا الْقَوْمُ، وَلَا تَقَدَّمَ أَحَدٌ، فَالْحُكْمُ مَا ذَكَرْنَاهُ تَفْرِيعًا عَلَى مَنْعِ الِاسْتِخْلَافِ. قَالَ الْأَصْحَابُ: وَيَجِبُ عَلَى الْقَوْمِ تَقْدِيمُ وَاحِدٍ إِنْ كَانَ خُرُوجُ الْإِمَامِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ. وَإِنْ كَانَ فِي الثَّانِيَةِ، لَمْ يَجِبِ التَّقْدِيمُ، وَلَهُمُ الِانْفِرَادُ بِهَا كَالْمَسْبُوقِ. وَقَدْ حَكَيْنَا فِي الصُّورَتَيْنِ خِلَافًا، تَفْرِيعًا عَلَى مَنْعِ الِاسْتِخْلَافِ، فَيَتَّجِهُ عَلَيْهِ الْخِلَافُ فِي وُجُوبِ التَّقْدِيمِ وَعَدَمِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute