مِنَ الْفَيْءِ، وَإِلَى الْمُطَّوِّعَةِ مِنَ الصَّدَقَاتِ حُقُوقُهُمُ الْمُرَتَّبَةَ، وَلَيْسَ أُجْرَةً، وَجِهَادُهُمْ وَاقِعٌ عَنْهُمْ، وَلَوْ أَكْرَهَ الْإِمَامُ جَمَاعَةً عَلَى الْخُرُوجِ وَالْجِهَادِ، لَمْ يَسْتَحِقُّوا أُجْرَةً لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ وُقُوعِ الْجِهَادِ عَنْهُمْ، وَامْتِنَاعِ اسْتِئْجَارِهِمْ، هَكَذَا أَطْلَقُوهُ، وَقَالَ الْبَغَوِيُّ: إِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِمُ الْجِهَادُ، فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَهُمُ الْأُجْرَةُ مِنْ حِينِ أَخْرَجَهُمْ إِلَى أَنْ حَضَرُوا الْوَقْعَةَ. وَأَطْلَقَ مُطَلِقُونَ أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ الْإِمَامُ رَجُلًا، وَأَلْزَمَهُ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ وَدَفْنِهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أُجْرَةٌ، وَاسْتَدْرَكَ الْإِمَامُ فَقَالَ: هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ تَرِكَةٌ، وَلَا فِي بَيْتِ الْمَالِ اتِّسَاعٌ، فَإِنْ كَانَ لَهُ تَرِكَةٌ، فَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ فِي تَرِكَتِهِ، وَإِلَّا فَفِي بَيْتِ الْمَالِ إِنِ اتَّسَعَ، فَيَسْتَحِقُّ الْمُكْرَهُ الْأُجْرَةَ، وَالتَّفْصِيلَانِ حَسَنَانِ، فَلْيُحْمَلْ عَلَيْهِمَا الْإِطْلَاقَانِ. وَهَلْ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ اسْتِئْجَارُ عَبِيدِ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ الْإِمَامُ: إِنْ جَوَّزْنَا اسْتِئْجَارَ الْحُرِّ، فَكَذَا الْعَبْدُ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَطِئَ الْكُفَّارُ دَارَ الْمُسْلِمِينَ هَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَى الْعَبِيدِ الْجِهَادُ؟ إِنْ قُلْنَا: نَعَمْ، فَهُمْ مِنْ أَهْلِ فَرْضِ الْجِهَادِ، فَإِذَا وَافَوُا الصَّفَّ، وَقَعَ الْجِهَادُ عَنْهُمْ، فَيَكُونُ اسْتِئْجَارُهُمْ كَالْأَحْرَارِ، وَإِلَّا فَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُهُمْ، وَإِنْ أَخْرَجَ الْإِمَامُ الْعَبِيدَ قَهْرًا، لَزِمَتْ أُجْرَتُهُمْ مِنْ يَوْمِ الْإِخْرَاجِ إِلَى أَنْ يَعُودَ كُلُّ عَبْدٍ إِلَى يَدِ سَيِّدِهِ، هَكَذَا أَطْلَقَهُ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُبْنَى ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ إِنْ قُلْنَا: إِنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ فَرْضِ الْجِهَادِ، فَكَالْأَحْرَارِ، أَمَّا الذِّمِّيُّ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ لِلْجِهَادِ بِمَالٍ يَبْذُلُهُ لَهُ، وَهَلْ طَرِيقُهُ الْإِجَارَةُ أَمِ الْجَعَالَةُ؟ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: الْجَعَالَةُ، لِجَهَالَةِ الْعَمَلِ، وَأَصَحُّهُمَا: الْإِجَارَةُ، وَتَحْتَمِلُ جَهَالَةَ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْقِتَالُ، وَلَوْ كَانَ جَعَالَةً لَجَازَ لِلذِّمِّيِّ الِانْصِرَافُ مَتَى شَاءَ، وَهُوَ بَعِيدٌ، وَعَلَى هَذَا وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ أَنَّ يَبْلُغَ بِالْأُجْرَةِ سَهْمَ رَاجِلٍ، وَكَانَ حَاصِلُ هَذَا الْوَجْهِ الْحُكْمَ بِالِانْفِسَاخِ وَالرَّدِّ إِلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ إِنْ بَانَ زِيَادَةُ الْأُجْرَةِ عَلَى سَهْمٍ، وَإِلَّا فَفِي الِابْتِدَاءِ لَا يُعْلَمُ سَهْمَ الرَّاجِلِ مِنَ الْغَنِيمَةِ، وَالصَّحِيحُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute