الْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَصِحُّ أَمَانُ الْمُتَعَاقِبِينَ إِلَى أَنْ يَظْهَرَ الْخَلَلُ، وَهُوَ مُرَادُ الْإِمَامِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَسَوَاءً كَانَ الْكَافِرُ الْمُؤَمَّنُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، أَوْ فِي حَالِ الْقِتَالِ أَوِ الْهَزِيمَةِ، أَوْ عِنْدَ مَضِيقٍ، بَلْ يَصِحُّ الْأَمَانُ مَا دَامَ الْكَافِرُ مُمْتَنِعًا، فَأَمَّا بَعْدَ الْأَسْرِ، فَلَا يَجُوزُ لِلْآحَادِ أَمَانُهُ وَلَا الْمَنُّ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: كُنْتُ أَمَّنْتُهُ قَبْلَ هَذَا، لَمْ يُقْبَلْ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِأَمَانِ مَنْ يَجُوزُ أَمَانُهُ فِي الْحَالِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَلَوْ قَالَ جَمَاعَةٌ: كُنَّا أَمَّنَّاهُ، لَمْ يُقْبَلْ أَيْضًا لِأَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ عَلَى فِعْلِهِمْ، وَلَوْ قَالَ وَاحِدٌ: كُنْتُ أَمَّنْتُهُ، وَشَهِدَ بِهِ اثْنَانِ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا.
فَرْعٌ
فِي جَوَازِ عَقْدِ الْمَرْأَةِ اسْتِقْلَالًا وَجْهَانِ.
الثَّانِيَةُ: يَصِحُّ الْأَمَانُ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ، فَيَصِحُّ أَمَانُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَإِنْ كَانَ سَيِّدُهُ كَافِرًا، وَالْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى، وَالْفَقِيرِ وَالْمُفْلِسِ، وَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، وَالْمَرِيضِ وَالشَّيْخِ الْهَرَمِ، وَالْفَاسِقِ وَفِي الْفَاسِقِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ، وَلَا يَصِحُّ أَمَانُ كَافِرٍ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُكْرَهٍ، وَفِي الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَجْهٌ كَتَدْبِيرِهِ.
الثَّالِثَةُ: يَنْعَقِدُ الْأَمَانُ بِكُلِّ لَفْظٍ يُفِيدُ الْغَرَضَ، صَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ، فَالصَّرِيحُ: أَجَرْتُكَ، أَوْ أَنْتَ مُجَارٌ، أَوْ أَمَّنْتُكَ، أَوْ أَنْتَ آمِنٌ، أَوْ فِي أَمَانِي، أَوْ لَا بَأْسَ عَلَيْكَ، أَوْ لَا خَوْفَ عَلَيْكَ، أَوْ لَا تَخَفْ، أَوْ لَا تَفْزَعْ، أَوْ قَالَ بِالْعَجَمِيَّةِ: مُتَرَّسٌ، وَقَالَ صَاحِبُ «الْحَاوِي» : لَا تَخَفْ، لَا تَفْزَعْ. كِنَايَةٌ. وَالْكِنَايَةُ، كَقَوْلِهِ: أَنْتَ عَلَى مَا تُحِبُّ، أَوْ كُنْ كَيْفَ شِئْتَ، وَتَنْعَقِدُ بِالْكِتَابَةِ وَالرِّسَالَةِ، سَوَاءً كَانَ الرَّسُولُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا، وَبِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ مِنْ قَادِرٍ عَلَى الْعِبَارَةِ. وَبِنَاءُ الْبَابِ عَلَى التَّوْسِعَةِ. فَأَمَّا الْكَافِرُ الْمُؤَمَّنُ فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِ وَبُلُوغِ خَبَرِ الْأَمَانِ إِلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ، فَلَا أَمَانَ، فَلَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute