فَسَخْنَا الصُّلْحَ، وَنَبَذْنَا عَهْدَكَ، فَإِنِ امْتَنَعَ، رَدَدْنَاهُ إِلَى الْقَلْعَةِ، وَاسْتَأْنَفْنَا الْقِتَالَ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ الصُّلْحَ فِي الْجَارِيَةِ فَاسِدٌ، لِأَنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ.
فَرْعٌ
لَوْ كَانَ الْإِمَامُ نَازِلًا بِجَنْبِ قَلْعَةٍ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهَا فَقَالَ: مَنْ دَلَّنِي عَلَى قَلْعَةِ كَذَا، فَلَهُ مِنْهَا جَارِيَةٌ، فَقَالَ لَهُ عِلْجٌ: هِيَ هَذِهِ الَّتِي أَنْتَ عِنْدَهَا، قَالَ ابْنُ كَجٍّ: الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ تِلْكَ الْجَارِيَةَ إِذَا فُتِحَتْ، كَمَا لَوْ قَالَ: مَنْ جَاءَنِي بِعَبْدِي الْآبِقِ، فَلَهُ كَذَا، فَجَاءَ بِهِ إِنْسَانٌ مِنَ الْبَلَدِ.
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: إِذَا دَخَلَ كَافِرٌ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ أَوْ ذِمَّةٍ، كَانَ مَا مَعَهُ مِنَ الْمَالِ وَالْأَوْلَادِ فِي أَمَانٍ، فَإِنْ شَرَطَ الْأَمَانَ فِي الْمَالِ وَالْأَهْلِ، فَهُوَ تَأْكِيدٌ وَلَا أَمَانَ لِمَا خَلَّفَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ، فَيَجُوزُ اغْتِنَامُ مَالِهِ وَسَبْيُ أَوْلَادِهِ هُنَاكَ، وَعَنْ صَاحِبِ «الْحَاوِي» أَنَّهُ إِنْ قَالَ: لَكَ الْأَمَانُ، ثَبَتَ الْأَمَانُ فِي ذُرِّيَّتِهِ وَمَالِهِ، وَإِنْ قَالَ: لَكَ الْأَمَانُ فِي نَفْسِكَ، لَمْ يَثْبُتْ فِي الذُّرِّيَّةِ وَالْمَالِ، وَأَطْلَقَ الْجُمْهُورُ قَالُوا: وَقَدْ يَفْتَرِقُ الْمَالِكُ وَالْمَمْلُوكُ فِي الْأَمَانِ، وَلِهَذَا لَوْ دَخَلَ مُسْلِمٌ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ، فَبَعَثَ مَعَهُ حَرْبِيٌّ مَالًا لِشِرَاءِ مَتَاعٍ، كَانَ مَالُهُ فِي أَمَانٍ حَتَّى يَرُدَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَالِكُ فِي أَمَانٍ، وَكَذَا لَوْ بَعَثَهُ مَعَ ذِمِّيٍّ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ، وَفِي قَوْلٍ: لَا يَكُونُ مَعَ الذِّمِّيِّ فِي أَمَانٍ، لِأَنَّ أَمَانَ الذِّمِّيِّ بَاطِلٌ، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّ الْحَرْبِيَّ اعْتَقَدَ صِحَّتَهُ، فَوَجَبَ رَدُّهُ إِلَيْهِ، وَلَوْ دَخَلَ حَرْبِيٌّ دَارَنَا بِأَمَانٍ أَوْ ذِمَّةٍ أَوْ لِرِسَالَةٍ فَنَقَضَ الْعَهْدَ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَمِنْ أَسْبَابِ النَّقْضِ أَنْ يَعُودَ لِيَتَوَطَّنَ هُنَاكَ، فَلَا يُسْبَى أَوْلَادُهُ عِنْدَنَا، وَإِنْ مَاتَ فَأَبْلَغُوا، فَإِذَا بَلَغُوا وَقَبِلُوا الْجِزْيَةَ، تُرِكُوا، وَإِلَّا بُلِّغُوا الْمَأْمَنَ، وَمَا خَلَّفَهُ عِنْدَنَا مِنْ وَدِيعَةٍ وَدَيْنٍ مِنْ قَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَهُوَ فِي أَمَانٍ لَا يُتَعَرَّضُ لَهُ مَا دَامَ حَيًّا، هَذَا هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute