الْمَشْرُوطَةَ، وَلَوِ اسْتَنْزَلَهُمْ عَلَى أَنْ يَحْكُمَ فِيهِمْ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، كُرِهَ ذَلِكَ، لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَيْسَ مَنْصُوصًا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَحْصُلُ مِنْهُ اخْتِلَافٌ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ، قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَلَوِ اسْتَنْزَلَهُمْ عَلَى أَنَّ مَا يَقْضِي اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ يُنَفِّذُهُ، لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ الْحُكْمَ فِيهِمْ وَإِذَا نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ اثْنَيْنِ، فَلْيَتَّفِقَا عَلَى الْحُكْمِ، فَإِنِ اخْتَلَفَا، لَمْ يُنَفَّذْ إِلَّا أَنْ تَتَّفِقَ الطَّائِفَتَانِ عَلَى حُكْمٍ، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُ الْحَكَمَيْنِ، أَوْ نَزَلُوا عَلَى حَكَمٍ وَاحِدٍ، فَمَاتَ قَبْلَ الْحُكْمِ، أَوْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ مَنْ لَا يَجُوزُ حُكْمُهُ، رُدُّوا إِلَى الْقَلْعَةِ إِلَى أَنْ يَرْضَوْا بِحُكْمِ حَاكِمٍ فِي الْحَالِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ إِلَّا بِمَا فِيهِ الْحَظُّ لِلْمُسْلِمِينَ مِنَ الْقَتْلِ وَالِاسْتِرْقَاقِ وَالْمَنِّ وَالْفِدَاءِ، وَحَكَى الرُّويَانِيُّ وَجْهًا، أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِالْمَنِّ عَلَى جَمِيعِهِمْ، وَاسْتَغْرَبَهُ، وَلَوْ حَكَمَ بِمَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ، كَقَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، لَمْ يُنَفَّذْ، وَلَوْ حَكَمَ بِقَتْلِ الْمُقَاتِلَةِ وَسَبْيِ الذُّرِّيَّةِ وَأَخْذِ الْأَمْوَالِ، جَازَ. وَتَكُونُ الْأَمْوَالُ غَنِيمَةً، لِأَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ بِالْقَهْرِ، وَإِنْ حَكَمَ بِاسْتِرْقَاقِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ، وَقَتْلِ مَنْ أَقَامَ مِنْهُمْ عَلَى الْكُفْرِ، أَوْ بِاسْتِرْقَاقِ مَنْ أَسْلَمَ، وَمَنْ أَقَامَ عَلَى الْكُفْرِ، جَازَ، وَيُنَفَّذُ حُكْمُ الْحَاكِمِ عَلَى الْإِمَامِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى حُكْمِهِ فِي التَّشْدِيدِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُنْقِصَ مِنْهُ وَيُسَامِحَ، فَإِذَا حَكَمَ بِغَيْرِ الْقَتْلِ، فَلَيْسَ لَهُ الْقَتْلُ، وَإِنْ حَكَمَ بِالْقَتْلِ، فَلَهُ الْمَنُّ، وَلَيْسَ لَهُ الِاسْتِرْقَاقُ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّهُ ذُلٌّ مُؤَبَّدٌ، وَإِنْ حَكَمَ بِالِاسْتِرْقَاقِ، فَلَيْسَ لَهُ الْمَنُّ إِلَّا بِرِضَى الْغَانِمِينَ، لِأَنَّهُ صَارَ مَالًا لَهُمْ، وَإِنْ حَكَمَ بِقَبُولِ الْجِزْيَةِ، فَهَلْ يُجْبَرُونَ عَلَيْهِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، لِأَنَّهُ حُكْمُهُ وَقَدِ الْتَزَمُوهُ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا يُجْبَرُونَ، بُلِّغُوا الْمَأْمَنَ، وَإِنْ قُلْنَا: يُجْبَرُونَ، فَامْتَنَعُوا، فَهُمْ كَأَهْلِ الذِّمَّةِ إِذَا امْتَنَعُوا مِنْ بَذْلِ الْجِزْيَةِ بَعْدَ قَبُولِهَا، وَسَيَأْتِي الْخِلَافُ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَطُرِدَ الْوَجْهَانِ فِيمَا لَوْ حَكَمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute