الثَّالِثُ: مَنْ لَيْسَ لَهُ وَلَا شُبْهَةَ، كَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالشَّمْسِ، وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمْ، فَلَا يُقَرُّونَ بِالْجِزْيَةِ، سَوَاءً فِيهِمُ الْعَرَبِيُّ وَالْعَجَمِيُّ.
فَرْعٌ
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى يُقَرُّونَ بِالْجِزْيَةِ، مَهْمَا دَخَلَ آبَاؤُهُمْ فِي الْيَهُودِ أَوِ التَّنَصُّرِ قَبْلَ تَبَدُّلِ ذَلِكَ الدِّينِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَوْلَادِ الْمُبَدِّلِينَ وَغَيْرِهِمْ، وَلَوْ دَخَلَ وَثَنِيٌّ فِي يَهُودِيَّةٍ أَوْ نَصْرَانِيَّةٍ بَعْدَ مَبْعَثِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لَمْ يُقَرُّوا، هُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ، لِأَنَّهُمْ تَمَسَّكُوا بِدِينٍ بَاطِلٍ، وَقَالَ الْمُزَنِيُّ: يُقَرُّونَ، وَالتَّهَوُّدُ بَعْدَ بَعْثَةِ عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَالتَّهَوُّدِ وَالتَّنَصُّرِ بَعْدَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْأَصَحِّ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي النِّكَاحِ، وَإِنْ دَخَلُوا فِيهِ بَعْدَ التَّبْدِيلِ وَقَبْلَ النَّسْخِ، فَطَرِيقَانِ، أَحَدُهُمَا: إِنْ تَمَسَّكَ بِمَا لَمْ يُحَرَّفْ، قُرِّرَ، وَإِنْ تَمَسَّكَ بِمُحَرَّفٍ، لَمْ يُقَرَّرْ هُوَ وَلَا أَوْلَادُهُ، وَهَلْ فِي الْأَوْلَادِ قَوْلَانِ، وَبِهَذَا الطَّرِيقِ قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْبَغَوِيُّ وَآخَرُونَ، وَالثَّانِي: يُقَرُّونَ بِلَا تَفْصِيلٍ وَلَا خِلَافٍ، وَهَذَا الطَّرِيقُ يُدِيرُ الْحُكْمَ عَلَى الدُّخُولِ قَبْلَ النَّسْخِ وَبَعْدَهُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ كَجٍّ، وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ، وَالْإِمَامِ، وَالرُّويَانِيِّ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: لَا أَحْفَظُ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ لِلشَّافِعِيِّ، إِنَّمَا فَرَّقَ فِي كُتُبِهِ بَيْنَ مَا قَبْلَ نُزُولِ الْقُرْآنِ وَمَا بَعْدَهُ، وَهَذَا أَصَحُّ، قَالَ الْإِمَامُ: لِأَنَّهُمْ وَإِنْ بَدَّلُوا فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ بَقِيَ فِيهِ مَا لَمْ يُبَدَّلْ، فَلَا تَنْحَطُّ عَنْ شُبْهَةِ كِتَابِ الْمَجُوسِ، أَوْ تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدَّمِ، وَلَوْ لَمْ نَعْرِفْ أَدَخَلُوا قَبْلَ النَّسْخِ أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ قَبْلَ التَّبْدِيلِ أَوْ بَعْدَهُ، قَرَّرْنَاهُمْ بِالْجِزْيَةِ كَالْمَجُوسِ.
الْمَذْهَبُ أَنَّ السَّامِرَةَ وَالصَّابِئِينَ إِنْ خَالَفُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute