مُوسِرٌ، أَخَذْنَاهَا مِنْهُ، وَإِلَّا فَهِيَ فِي ذِمَّتِهِ حَتَّى يُوسِرَ، وَكَذَا حُكْمُ الْحَوْلِ الثَّانِي وَمَا بَعْدَهُ، وَفِي وَجْهٍ: لَا يُمْهَلُ وَلَا يُقَرُّ فِي دَارِنَا، بَلْ يُقَالُ: إِمَّا أَنْ تُحَصِّلَ الْجِزْيَةَ بِمَا أَمْكَنَكَ، وَإِمَّا أَنْ نُبَلِّغَكَ الْمَأْمَنَ، لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى رَفْعِ الْجِزْيَةِ بِالْإِسْلَامِ، وَإِذَا قُلْنَا: لَا يَجِبُ، عَقَدْنَا لَهُ الذِّمَّةَ عَلَى شَرْطِ إِجْرَاءِ الْأَحْكَامِ عَلَيْهِ، وَبَذْلِ الْجِزْيَةِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ، فَإِذَا أَيْسَرَ، فَهُوَ أَوَّلُ حَوْلِهِ، هَكَذَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ، وَأَشَارَ الْإِمَامُ إِلَى أَنَّ ابْتِدَاءَ الْحَوْلِ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ.
فَرْعٌ
الْجَاسُوسُ الَّذِي يُخَافُ شَرُّهُ، لَا يُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ.
الرُّكْنُ الرَّابِعُ: الْمَكَانُ الْقَابِلُ لِلتَّقْرِيرِ بِلَادُ الْإِسْلَامِ حِجَازٌ وَغَيْرُهُ، فَالْحِجَازُ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَامَةُ وَمَخَالِيفُهَا أَيْ: قُرَاهَا، قَالَ الْإِمَامُ: قَالَ الْأَصْحَابُ: الطَّائِفُ وَوَجٌّ، وَهُوَ وَادٍ بِالطَّائِفِ، وَمَا يُضَافُ إِلَيْهِمَا مَنْسُوبَةٌ إِلَى مَكَّةَ مَعْدُودَةٌ مِنْ أَعْمَالِهَا، وَخَيْبَرُ مِنْ مَخَالِيفِ الْمَدِينَةِ. ثُمَّ الْحِجَازُ ضَرْبَانِ: حَرُمُ مَكَّةَ وَغَيْرُهُ، أَمَّا غَيْرُهُ، فَيُمْنَعُ الْكُفَّارُ مِنَ الْإِقَامَةِ بِهِ، وَفِي مَنْعِهِمْ مِنَ الْإِقَامَةِ فِي الطُّرُقِ الْمُمْتَدَّةِ فِي بِلَادِ الْحِجَازِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْإِمَامُ، الصَّحِيحُ وَهُوَ مُقْتَضَى إِطْلَاقِ الْجُمْهُورِ: نَعَمْ، لِأَنَّهَا مِنَ الْحِجَازِ، وَالثَّانِي: لَا، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُجْتَمَعَ النَّاسِ، وَلَا مَوْضِعَ إِقَامَةٍ، وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ رُكُوبِ بَحْرِ الْحِجَازِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مَوْضِعَ إِقَامَةٍ، وَيُمْنَعُونَ مِنَ الْإِقَامَةِ فِي سَوَاحِلِهِ فِي الْجَزَائِرِ الْمَسْكُونَةِ فِي الْبَحْرِ وَمَتَى دَخَلَ كَافِرٌ الْحِجَازَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ، أَخْرَجَهُ وَعَزَّرَهُ إِنْ عَلِمَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ دُخُولِهِ، وَإِنِ اسْتَأْذَنَ فِي دُخُولِهِ، أُذِنَ لَهُ إِنْ كَانَ فِي دُخُولِهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ، كَرِسَالَةٍ أَوْ عَقْدِ هُدْنَةٍ أَوْ ذِمَّةٍ، أَوْ حَمْلِ مَتَاعٍ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، وَإِنْ كَانَ دُخُولُهُ لِتِجَارَةٍ لَيْسَ فِيهَا كَثِيرُ حَاجَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ، لَمْ يَأْذَنْ لَهُ إِلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ تِجَارَتِهِ شَيْئًا، هَكَذَا أَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ، وَحَكَوْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute