الْمُقَاتِلِ، قَالَ: وَأَمَّا الِامْتِنَاعُ مِنْ إِجْرَاءِ الْأَحْكَامِ، فَإِنِ امْتَنَعَ هَارِبًا، فَلَا أَرَاهُ نَاقِضًا، وَإِنِ امْتَنَعَ رَاكِبًا إِلَى قُوَّةٍ وَعِدَّةٍ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُدْعَى إِلَى الِانْقِيَادِ، فَإِنْ نَصَبَ الْقِتَالَ، انْتَقَضَ عَهْدُهُ بِالْقِتَالِ، ثُمَّ أَسْنَدَ الْإِمَامُ مَا ذَكَرَهُ مِنَ الِاحْتِمَالِ إِلَى مَنْ تُقَدِّمُهُ، فَحَكَى عَنِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ حَصْرَ الِانْتِقَاضِ فِي الْقِتَالِ، وَنَقَلَ ابْنُ كَجٍّ قَوْلَيْنِ فِي امْتِنَاعِهِمْ مِنْ إِجْرَاءِ الْأَحْكَامِ، وَعَنْ «الْحَاوِي» أَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنَ الْبَدَلِ نَقْضُ الْعَهْدِ مِنَ الْوَاحِدِ وَالْجَمَاعَةِ، وَالِامْتِنَاعُ مِنَ الْأَدَاءِ مَعَ الِاسْتِمْرَارِ عَلَى الِالْتِزَامِ نَقْضٌ مِنَ الْجَمَاعَةِ دُونَ الْوَاحِدِ، لِأَنَّهُ يَسْهُلُ إِجْبَارُهُ عَلَيْهِ، وَلَوْ زَنَى ذِمِّيٌّ بِمُسَلِّمَةٍ، أَوْ أَصَابَهَا بِاسْمِ نِكَاحٍ، أَوْ تَطَلَّعَ عَلَى عَوْرَةِ الْمُسْلِمِينَ وَنَقَلَهَا إِلَى دَارِ الْحَرْبِ، أَوْ فَتَنَ مُسْلِمًا عَنْ دِينِهِ، وَدَعَاهُ إِلَى دِينِهِمْ، فَفِي انْتِقَاضِ عَهْدِهِ طُرُقٌ، أَصَحُّهَا: أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ ذِكْرُهَا فِي الْعَقْدِ، لَمْ يُنْتَقَضْ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، وَيُقَالُ: قَوْلَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا يَنْتَقِضُ قَطْعًا، وَالثَّالِثُ: إِنْ شَرَطَ، انْتَقَضَ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، وَهَلِ الْمُعْتَبَرُ فِي الشَّرْطِ الِامْتِنَاعُ مِنْ هَذِهِ الْأَفْعَالِ، أَمِ انْتِقَاضُ الْعَهْدِ إِذَا ارْتَكَبَهَا؟ صَرَّحَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ بِالثَّانِي، وَكَثِيرُونَ بِالْأَوَّلِ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَتَوَسَّطَ فَيُقَالُ: إِنْ شَرَطَ الِانْتِقَاضَ، فَالْأَصَحُّ الِانْتِقَاضُ، وَإِلَّا، فَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ، وَأُلْحِقَ بِالْخِصَالِ الثَّلَاثِ إِيوَاءُ عُيُونِ الْكُفَّارِ، وَأَمَّا قَطْعُ الطَّرِيقِ وَالْقَتْلُ الْمُوجِبُ لِلْقِصَاصِ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُمَا كَالزِّنَى بِمُسْلِمَةٍ، وَقِيلَ: كَالْقِتَالِ، وَلَا يُلْحَقُ بِالْمُنَابَذَةِ التَّوَثُّبَ عَلَى رُفْقَةٍ، أَوْ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ، وَلْيَجْرِ الطَّرِيقَانِ فِيمَا لَوْ قَذَفَ مُسْلِمًا، وَسَوَاءً قُلْنَا: يَنْتَقِضُ الْعَهْدُ، أَوْ لَا يَنْتَقِضُ، فَقَدْ قَالَ الْبَغَوِيُّ: يُقَامُ عَلَيْهِمْ مُوجِبُ مَا فَعَلُوهُ مِنْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ، ثُمَّ يَجْرِي عَلَى مُقْتَضَى الِانْتِقَاضِ كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِذَا قُتِلَ الذِّمِّيُّ لِقَتْلِهِ مُسْلِمًا، أَوْ لِزِنًى وَهُوَ مُحْصِنٌ، فَهَلْ يَصِيرُ مَالُهُ فَيْئًا تَفْرِيعًا عَلَى الْحُكْمِ بِالِانْتِقَاضِ؟ وَجْهَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute