للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلْتُ: قَالَ الدَّارِمِيُّ: يُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ قِرَاءَةُ (ق) فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى. وَالْمُرَادُ قِرَاءَتُهَا بِكَمَالِهَا، لِاشْتِمَالِهَا عَلَى أَنْوَاعِ الْمَوَاعِظِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ، نَزَلَ وَسَجَدَ. فَلَوْ كَانَ الْمِنْبَرُ عَالِيًا، لَوْ نَزَلَ لَطَالَ الْفَصْلُ، لَمْ يَنْزِلْ، لَكِنْ يَسْجُدُ عَلَيْهِ إِنْ أَمْكَنَهُ، وَإِلَّا تَرَكَ السُّجُودَ. فَلَوْ نَزَلَ وَطَالَ الْفَصْلُ، فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْمُوَالَاةِ. وَلَا تَدْخُلُ الْقِرَاءَةُ فِي الْأَرْكَانِ الْمَذْكُورَةِ. حَتَّى لَوْ قَرَأَ آيَةً فِيهَا مَوْعِظَةٌ، وَقَصَدَ إِيقَاعَهَا عَنِ الْجِهَتَيْنِ، لَمْ يُجْزِئْ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَاتٍ تَشْتَمِلُ عَلَى الْأَرْكَانِ الْمَطْلُوبَةِ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى خُطْبَةً. وَلَوْ أَتَى بِبَعْضِهَا فِي ضِمْنِ آيَةٍ لَمْ يَمْتَنِعْ.

وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْخُطْبَةِ كُلِّهَا بِالْعَرَبِيَّةِ؟ وَجْهَانِ. الصَّحِيحُ: اشْتِرَاطُهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ، خَطَبَ بِغَيْرِهَا. وَيَجِبُ أَنْ يَتَعَلَّمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُم ُ الْخُطْبَةَ الْعَرَبِيَّةَ، كَالْعَاجِزِ عَنِ التَّكْبِيرِ بِالْعَرَبِيَّةِ. فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةُ إِمْكَانِ التَّعَلُّمِ وَلَمْ يَتَعَلَّمُوا، عَصَوْا كُلُّهُمْ، وَلَا جُمُعَةَ لَهُمْ.

فَرْعٌ

شُرُوطُ الْخُطْبَةِ سِتَّةٌ:

أَحَدُهَا: الْوَقْتُ. وَهُوَ مَا بَعْدَ الزَّوَالِ، فَلَا يَصِحُّ تَقْدِيمُ شَيْءٍ مِنْهَا عَلَيْهِ.

الثَّانِي: تَقْدِيمُ الْخُطْبَتَيْنِ عَلَى الصَّلَاةِ.

الثَّالِثُ: الْقِيَامُ فِيهِمَا مَعَ الْقُدْرَةِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنِ الْقِيَامِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَسْتَنِيبَ. وَلَوْ خَطَبَ قَاعِدًا أَوْ مُضْطَجِعًا لِلْعَجْزِ، جَازَ كَالصَّلَاةِ. وَيَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ، سَوَاءٌ قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ، أَوْ سَكَتَ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إِنَّمَا قَعَدَ لِعَجْزِهِ، فَإِنْ بَانَ أَنَّهُ كَانَ قَادِرًا، فَهُوَ كَمَا لَوْ بَانَ الْإِمَامُ جُنُبًا، وَلَنَا وَجْهٌ: أَنَّهُ تَصِحُّ الْخُطْبَةُ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ وَهُوَ شَاذٌّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>