للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَمْ نَغْرَمِ الْمَهْرَ لِأَنَّ الْحَيْلُولَةَ حَصَلَتْ بِالْفَسْخِ، وَإِنْ لَمْ تَفْسَخْ وَأَوْجَبْنَا غُرْمَ الْمَهْرِ، فَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ جَمِيعًا، وَطَلَبُ الزَّوْجِ الْمَرْأَةَ وَالسَّيِّدِ الْمَهْرَ، فَإِنِ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا، لَمْ نَغْرَمْ لِأَنَّ الْبُضْعَ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِلسَّيِّدِ، وَالْمَهْرَ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِلْعَبْدِ.

وَمِنْهَا: إِنَّمَا نَغْرَمُ إِذَا طَلَبَهَا الزَّوْجُ فَمَنَعْنَاهَا بِسَبَبِ الْإِسْلَامِ، أَمَّا إِذَا مَاتَ قَبْلَ الطَّلَبِ، فَلَا غُرْمَ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ أَنْ يَطْلُبَهَا مِنَّا وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الطَّلَبِ وَالْمَنْعِ، لَمْ يَسْقُطِ الْغُرْمُ، فَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَيِّتُ، صُرِفَ الْمَهْرُ إِلَى وَرَثَتِهِ، وَإِنْ قُتِلَتْ قَبْلَ الطَّلَبِ، فَلَا غُرْمَ، كَمَا لَوْ مَاتَتْ، وَإِنْ قُتِلَتْ بَعْدَهُ، ثَبَتَ الْغُرْمُ، ثُمَّ نَقَلَ الْإِمَامُ أَنَّهُ يَكُونُ عَلَى الْقَاتِلِ، لِأَنَّهُ الْمَانِعُ بِالْقَتْلِ، وَرَأَى أَنْ يُفَصَّلَ فَيُقَالُ: إِنْ قَتَلَهَا عَلَى الِاتِّصَالِ بِالطَّلَبِ، فَالْحُكْمُ مَا ذَكَرُوهُ، وَإِنْ تَأَخَّرَ الْقَتْلُ، فَقَدِ اسْتَقَرَّ الْغُرْمُ عَلَيْنَا بِالْمَنْعِ، فَلَا أَثَرَ لِلْقَتْلِ بَعْدَهُ، وَفِي الْحَالَتَيْنِ لَا حَقَّ لِلزَّوْجِ فِيمَا عَلَى الْقَاتِلِ مِنْ قِصَاصٍ وَدِيَةٍ، لِأَنَّهُ لَا يَرِثُهَا، وَلَوْ جَرَحَهَا شَخْصٌ قَبْلَ الطَّلَبِ، ثُمَّ طَلَبَهَا الزَّوْجُ وَقَدِ انْتَهَتْ إِلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِينَ، فَهُوَ كَالطَّلَبِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَإِنْ بَقِيَتْ فِيهَا حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، فَهَلِ الْغُرْمُ عَلَى الْجَارِحِ، أَمْ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ الْمَنْعَ فِي الْحَيَاةِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي، وَلَا يَسْقُطُ الْغُرْمُ، بِأَنْ يُطْلِقَهَا بَعْدَ طَلَبِهَا، وَأَمَّا قَبْلَهُ، فَإِنْ خَالَعَهَا، أَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا، فَلَا غُرْمَ، لِأَنَّهُ تَرَكَ بِاخْتِيَارِهِ، قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَكَذَا لَوْ مَلَّكَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا عَلَى الْفَوْرِ، وَقَدْ يُلَائِمُ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ أَنْ يُقَالَ: يُشْتَرَطُ كَوْنُ الطَّلَبِ عَلَى الْفَوْرِ، وَإِنْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا، أَوْ طَلَّقَهَا، فَأَسْلَمَتْ وَهِيَ فِي عِدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ، ثُمَّ جَاءَ الزَّوْجُ يَطْلُبُهَا، فَالصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ أَنَّا إِنَّمَا نَغْرَمُ لَهُ إِذَا رَاجَعَهَا لِظُهُورِ قَصْدِ الْإِمْسَاكِ بِالرَّجْعَةِ، وَإِنْ كَانَتْ رَجْعَةُ الْكَافِرِ الْمُسْلِمَةَ لَا تَصِحُّ، قَالَ الْإِمَامُ: وَخَرَّجَ الْمُحَقِّقُونَ قَوْلًا أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْمَهْرَ بِمُجَرَّدِ الطَّلَبِ بِلَا رَجْعَةٍ، لِأَنَّهَا فَاسِدَةٌ، فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>