وَقِيمَةُ مَنِ ارْتَدَّ مِنْ رَقِيقِهِمْ، وَلَا يَلْزَمُهُمْ غُرْمُ مَنِ ارْتَدَّ مِنَ الرِّجَالِ الْأَحْرَارِ، وَلَوْ عَادَ الْمُرْتَدُّونَ إِلَيْنَا، لَمْ نَرُدَّ الْمُهُورَ، وَنَرُدُّ الْقِيَمَ، لِأَنَّ الرَّقِيقَ بِدَفْعِ الْقِيمَةِ يَصِيرُ مِلْكًا لَهُمْ، وَالنِّسَاءَ لَا يَصِرْنَ زَوْجَاتٍ، وَحَيْثُ يَجِبُ التَّمْكِينُ دُونَ التَّسْلِيمِ تَمَكَّنُوا، فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمْ، سَوَاءً وَصَلْنَا إِلَى الْمَطْلُوبِينَ أَمْ لَا، وَحَيْثُ يَجِبُ التَّسْلِيمُ يُطَالِبُهُمْ بِهِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ، فَإِنْ فَاتَ التَّسْلِيمُ بِالْمَوْتِ، لَزِمَهُمُ الْغُرْمُ، وَإِنْ هَرَبُوا، نُظِرَ إِنْ هَرَبُوا قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ، فَلَا غُرْمَ، وَبَعْدَهَا يَجِبُ الْغُرْمُ، وَإِذَا قُلْنَا: لَا تُسْتَرَدُّ الْمُرْتَدَّةُ، غَرِمَ الْإِمَامُ لِزَوْجِهَا مَا أَنْفَقَ مِنْ صَدَاقِهَا، لِأَنَّا بِعَقْدِ الْهُدْنَةِ حُلْنَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، وَلَوْلَاهُ، لَقَاتَلْنَاهُمْ حَتَّى يَرُدُّوهَا، وَإِنْ قُلْنَا: تُسْتَرَدُّ، فَتَعَذَّرَ ذَلِكَ فَقَالَ الْغَزَالِيُّ: نَغْرَمُ لَهُ أَيْضًا، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْغُرْمُ لِزَوْجِ الْمُرْتَدَّةِ مُفَرَّعًا عَلَى الْغُرْمِ لِزَوْجِ الْمُسْلِمَةِ الْمُهَاجِرَةِ، وَلَمْ أَرَهُ مُصَرِّحًا بِهِ، وَقَدْ يُشْعِرُ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ بِخِلَافِهِ، ثُمَّ لَوْ جَاءَتْهُمُ امْرَأَةٌ مِنَّا مُرْتَدَّةً، وَهَاجَرَتْ إِلَيْنَا امْرَأَةٌ مِنْهُمْ مُسْلِمَةً، وَطَلَبهَا زَوْجُهَا، فَلَا نَغْرَمُ لَهُ الْمَهْرَ، بَلْ نَقُولُ: هَذِهِ بِهَذِهِ، وَيَجْعَلُ الْمَهْرَيْنِ قِصَاصًا، وَيَدْفَعُ الْإِمَامُ الْمَهْرَ إِلَى زَوْجِ الْمُرْتَدَّةِ، وَيَكْتُبُ إِلَى زَعِيمِهِمْ لِيَدْفَعَ مَهْرَهَا إِلَى زَوْجِ الْمُهَاجِرَةِ، هَذَا إِنْ تَسَاوَى الْقِدْرَانِ، فَإِنْ كَانَ مَهْرُ الْمُهَاجِرَةِ أَكْثَرَ، صَرَفْنَا مِقْدَارَ مَهْرِ الْمُرْتَدَّةِ مِنْهُ إِلَى زَوْجِهَا وَالْبَاقِي إِلَى الْمُهَاجِرَةِ، وَإِنْ كَانَ مَهْرُ الْمُرْتَدَّةِ أَكْثَرَ، صَرَفْنَا مِقْدَارَ مَهْرِ الْمُهَاجِرَةِ إِلَى زَوْجِهَا، وَالْبَاقِي إِلَى زَوْجِ الْمُرْتَدَّةِ، وَبِهَذِهِ الْمُقَاصَّةِ فَسَّرَ مُفَسِّرُونَ قَوْلَهُ تَعَالَى: (وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute