صُورَةِ الْقِمَارِ، فَيَبْطُلُ، وَإِنْ تَيَقَّنَ سَبْقَهُ، فَفِيهِ الْوَجْهَانِ، وَإِنْ أَخْرَجَا الْمَالَ وَلَا مُحَلِّلَ وَأَحَدُهُمَا بِحَيْثُ يُقْطَعُ بِسَبْقِهِ، فَالَّذِي يَسْبِقُ كَالْمُحَلِّلِ، لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَشَرْطُ الْمَالِ مِنْ جِهَتِهِ لَغْوٌ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْإِمَامُ حَسَنٌ، وَلَوْ كَانَ سَبْقُ أَحَدِهِمَا مُمْكِنًا عَلَى النُّدُورِ، فَفِي الِاكْتِفَاءِ بِهِ لِلصِّحَّةِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا وَأَقْرَبُهُمَا إِلَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ: الْمَنْعُ، وَلَا اعْتِبَارَ بِالِاحْتِمَالِ النَّادِرِ، وَيَتَعَلَّقُ بِمَا نَحْنُ فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَرْكُوبَيْنِ جِنْسًا وَنَوْعًا، أَمَّا النَّوْعُ فَلَا يَضُرُّ، فَتَجُوزُ الْمُسَابَقَةُ بَيْنَ فَرَسٍ عَرَبِيٍّ وَعَجَمِيٍّ، وَعَرَبِيٍّ وَتُرْكِيٍّ، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: إِذَا تَبَاعَدَ نَوْعَانِ، كَالْعَتِيقِ وَالْهَجِينِ مِنَ الْخَيْلِ، وَالنَّجِيبِ وَالْبُخْتِيِّ مِنَ الْإِبِلِ، لَمْ يَجُزْ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَجِّحَ هَذَا وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَشْهَرَ، لِأَنَّهُ إِذَا تَحَقَّقَ التَّخَلُّفُ فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِضَعْفٍ، أَوْ لِرَدَاءَةِ نَوْعٍ.
قُلْتُ: قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ تَجُوزُ بَيْنَ الْعَتِيقِ وَالْهَجِينِ، وَالنَّجِيبِ وَالْبُخْتِيِّ، مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يُقْطَعْ بِسَبْقِ الْعَتِيقِ وَالنَّجِيبِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ، فَقَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ ضَعِيفٌ إِنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ هَذَا فَإِنْ أَرَادَهُ، ارْتَفَعَ الْخِلَافُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا إِذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ، فَإِنْ كَانَ كَبَعِيرٍ وَفَرَسٍ، أَوْ فَرَسٍ وَحِمَارٍ فَالْأَصَحُّ: الْمَنْعُ، وَإِنْ كَانَ بَغْلًا وَحِمَارًا وَجَوَّزْنَا الْمُسَابَقَةَ عَلَيْهِمَا، فَالْأَصَحُّ: الصِّحَّةُ، وَبِهِ أَجَابَ ابْنُ الصَّبَّاغِ.
الشَّرْطُ السَّادِسُ: تَعْيِينُ الْمَرْكُوبَيْنِ، فَإِنْ أُحْضِرَتِ الْأَفْرَاسُ، وَعُقِدَ عَلَى عَيْنِهَا، فَذَاكَ، وَإِنْ وُصِفَتْ وَعُقِدَ عَلَى الْوَصْفِ، فَهَلْ تَصِحُّ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، وَبِهِ قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ، قَالَ الْإِمَامُ: هُوَ الْأَوْجَهُ، كَمَا قَامَ الْوَصْفُ فِي السَّلَمِ وَالزِّنَى مَقَامَ الْإِحْضَارِ، وَنَقَلَ الْإِمَامُ عَنِ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّهُ إِذَا جَرَتِ الْمُسَابَقَةُ مُطْلَقَةً، كَانَ كَجَرَيَانِ الْمُنَاضَلَةِ مُطْلَقَةً،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute