فَرْعٌ
لِيَجْرِيَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ فِي الْغَايَةِ قَصَبَةٌ مَغْرُوزَةٌ لِيَقْطَعَهَا السَّابِقُ، فَيَظْهَرُ لِكُلِّ أَحَدٍ بِقَدَمِهِ.
الطَّرَفُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهِ
وَفِيهِ قَاعِدَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: هَلْ عَقْدُ الْمُسَابَقَةِ لَازِمٌ كَالْإِجَارَةِ أَمْ جَائِزٌ كَالْجَعَالَةِ؟ قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا: الْأَوَّلُ، ثُمَّ قِيلَ: الْقَوْلَانِ فِيمَا إِذَا أَخْرَجَا الْعِوَضَ جَمِيعًا، أَمَّا إِذَا أَخْرَجَهُ أَحَدُهُمَا أَوْ غَيْرُهُمَا، فَجَائِزٌ قَطْعًا، وَالْمَذْهَبُ: طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ فِي الْحَالَيْنِ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْأَئِمَّةُ: الْقَوْلَانِ فِيمَنِ الْتَزَمَ الْمَالَ، فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَلْتَزِمْ شَيْئًا، فَجَائِزٌ فِي حَقِّهِ قَطْعًا، وَقَدْ يَكُونُ الْعَقْدُ جَائِزًا مِنْ جَانِبٍ لَازِمًا مِنْ جَانِبٍ، كَالرَّهْنِ وَالْكِتَابَةِ، وَقِيلَ بِطَرْدِهِمَا فِيمَنْ لَمْ يَلْتَزِمْ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ بِمُعَاقَدَتِهِ تَعَلُّمَ الْفُرُوسِيَّةِ وَالرَّمْيِ فَيَكُونُ كَالْأَجِيرِ، وَالْمَذْهَبُ يُخَصِّصُهُمَا بِالْمُلْتَزِمِ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْجَوَازِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ تَرْكُ الْعَمَلِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ، وَكَذَا بَعْدَهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا فَضْلٌ عَلَى الْآخَرِ، وَكَذَا إِنْ كَانَ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ فِي الْعَمَلِ، وَفِي الْمَالِ بِالتَّرَاضِي، وَإِذَا بَذَلَ أَحَدُهُمَا الْمَالَ لَا يُشْرَطُ مِنْ صَاحِبِهِ الْقَبُولُ عَلَى الصَّحِيحِ، قَالَ الْإِمَامُ: وَأَجْرَى الْأَصْحَابُ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ فِي الْجَعَالَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمُعَيَّنٍ، بِأَنْ يَقُولَ: إِنْ أَرَدْتَ عَبْدِي فَلَكَ كَذَا، وَفِي ضَمَانِ السَّبْقِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ وَالرَّهْنِ بِهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي ضَمَانِ الْجَعْلِ وَالرَّهْنِ بِهِ قَبْلَ تَمَامِ الْعِلْمِ، وَقِيلَ: إِنْ لَمْ يَصِحَّ الضَّمَانُ، لَمْ يَصِحَّ الرَّهْنُ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، لِأَنَّ الضَّمَانَ أَوْسَعُ بَابًا، وَلِذَلِكَ يَجُوزُ ضَمَانُ الدَّرَكِ دُونَ الرَّهْنِ بِهِ، وَأَمَّا إِذَا قُلْنَا بِاللُّزُومِ، فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُ الْعَقْدِ دُونَ الْآخَرِ، فَإِنْ ظَهَرَ بِالْعِوَضِ الْمُعَيَّنِ عَيْبٌ، ثَبَتَ حَقُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute