الشَّرْطُ الثَّانِي: اتِّحَادُ الْجِنْسِ، فَإِنِ اخْتَلَفَ، كَالسِّهَامِ مَعَ الْمَزَارِيقِ، لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوِ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُ الْقِسِيِّ وَالسِّهَامِ، جَازَ قَطْعًا، كَقِسِيٍّ عَرَبِيَّةٍ مَعَ فَارِسِيَّةٍ، وَدُورَانِيَّةٍ، وَتُنْسَبُ إِلَى دُورَانَ قَبِيلَةٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، مَعَ هِنْدِيَّةٍ، وَكَالنَّبْلِ، وَهُوَ مَا يُرْمَى بِهِ عَنِ الْقَوْسِ الْعَرَبِيَّةِ، مَعَ النُّشَّابِ، وَهُوَ مَا يُرْمَى بِهِ عَنِ الْفَارِسِيَّةِ، وَمِنْ أَنْوَاعِ الْقِسِيِّ: الْحُسْبَانُ، وَهِيَ قَوْسٌ تُجْمَعُ سِهَامُهَا الصِّغَارُ فِي قَصَبَةٍ، وَيُرْمَى بِهَا، فَتَتَفَرَّقُ عَلَى النَّاسِ، وَيَعْظُمُ أَثَرُهَا وَنِكَايَتُهَا، وَحَكَى صَاحِبُ «التَّقْرِيبِ» وَجْهًا أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْمُنَاضَلَةُ بِالنَّبْلِ مَعَ النُّشَّابِ، كَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّا قَدَّمْنَا أَنَّ اخْتِلَافَ أَنْوَاعِ الْإِبِلِ وَالْخَيْلِ لَا يَضُرُّ، فَهَذَا أَوْلَى، ثُمَّ إِنَّ عَيَّنَا فِي عَقْدِ الْمُنَاضَلَةِ نَوْعًا مِنَ الطَّرَفَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا، وَفَّيَا بِهِ وَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنِ الْمُعَيَّنِ إِلَى مَا هُوَ أَجْوَدُ مِنْهُ، بِأَنْ عَيَّنَا الْقَوْسَ الْعَرَبِيَّةَ، فَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ إِلَى الْفَارِسِيَّةِ، وَلَوْ عَدَلَ إِلَى مَا دُونَهُ، لَمْ يَجُزْ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ إِلَّا بِرِضَى صَاحِبِهِ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ اسْتِعْمَالُهُ لِأَحَدِهِمَا أَكْثَرَ، وَرَمْيُهُ بِهِ أَجْوَدَ، وَلَوْ عَيَّنَا سَهْمًا أَوْ قَوْسًا، لَمْ يَتَعَيَّنْ، وَجَازَ إِبْدَالُهُ بِمِثْلِهِ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ، سَوَاءً حَدَثَ فِيهِ خَلَلٌ يَمْنَعُ اسْتِعْمَالَهُ أَمْ لَا بِخِلَافِ الْفَرَسِ، فَلَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُبَدَّلَ، فَسَدَ الشَّرْطُ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّ الرَّامِيَ قَدْ تَعْرِضُ لَهُ أَحْوَالٌ خَفِيَّةٌ تُحْوِجُهُ إِلَى الْإِبْدَالِ، وَفِي مَنْعِهِ مِنَ الْإِبْدَالِ تَضْيِيقٌ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَقِيلَ: يَصِحُّ الشَّرْطُ، فَإِنْ أَفْسَدْنَا الشَّرْطَ، فَسَدَ الْعَقْدُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي كُلِّ مَا لَوْ طُرِحَ مِنْ أَصْلِهِ لَاسْتَقَلَّ الْعَقْدُ بِإِطْلَاقِهِ، فَأَمَّا مَا لَا يَسْتَقِلُّ الْعَقْدُ بِإِطْلَاقِهِ لَوْ طُرِحَ، كَإِهْمَالِ ذِكْرِ الْغَايَةِ فِي الْمُسَابَقَةِ، وَصِفَةِ الْإِصَابَةِ فِي الْمُنَاضَلَةِ، فَإِذَا فَسَدَ، فَسَدَ الْعَقْدُ بِلَا خِلَافٍ، فَإِنْ صَحَّحْنَا هَذَا الشَّرْطَ، لَزِمَ الْوَفَاءُ بِهِ مَا لَمْ يَنْكَسِرِ الْمُعَيَّنُ، وَيَتَعَذَّرِ اسْتِعْمَالُهُ، فَإِنِ انْكَسَرَ جَازَ الْإِبْدَالُ لِلضَّرُورَةِ، فَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يُبَدَّلَ وَإِنِ انْكَسَرَ، فَسَدَ الْعَقْدُ قَطْعًا، وَلَوْ أَطْلَقَا الْمُنَاضَلَةَ وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِنَوْعٍ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، الصَّحِيحُ وَقَوْلُ الْأَكْثَرِينَ: الصِّحَّةُ، لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute