للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِأَنَّهَا الْغَالِبُ مِنَ الْمُنَاضَلَةِ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْأَرْشَاقِ وَبَيَانُ عَدَدِهَا فِي الْعَقْدِ؟ فِيهِ طَرِيقَانِ، الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ: يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي الْمُحَاطَةِ وَالْمُبَادَرَةِ، لِيَكُونَ لِلْعَمَلِ ضَبْطٌ، وَالْأَرْشَاقُ فِي الْمُنَاضَلَةِ كَالْمَيْدَانِ فِي الْمُسَابَقَةِ. وَالثَّانِي: فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ ذَكَرَهَا الْإِمَامُ، وَجَعَلَهَا الْغَزَالِيُّ أَقْوَالًا، أَحَدُهَا: هَذَا، وَالثَّانِي: لَا يُشْتَرَطُ، لِأَنَّ الرَّامِيَ لَا يَجْرِي عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ لَا يَسْتَوْفِي الْأَرْشَاقَ لِحُصُولِ الْفَوْزِ فِي خِلَالِهَا كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلْيَكُنِ التَّعْوِيلُ عَلَى الْإِصَابَاتِ، وَالثَّالِثُ: يُشْتَرَطُ فِي الْمُحَاطَةِ لِيَنْفَصِلَ الْأَمْرُ، وَيَبِينَ نِهَايَةُ الْعَقْدِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُبَادَرَةِ لِتَعَلُّقِ الِاسْتِحْقَاقِ بِالْبِدَارِ إِلَى الْعَدَدِ الْمَشْرُوطِ.

فَرْعٌ

تَنَاضَلَا عَلَى رَمْيَةٍ وَاحِدَةٍ، وَشَرَطَا الْمَالَ لِلْمُصِيبِ فِيهَا، صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: لَا، فَقَدْ يَتَّفِقُ فِي الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ إِصَابَةَ الْأُخْرَى دُونَ الْحَاذِقِ، فَلَا يَظْهَرُ الْحِذْق إِلَّا بِرَمَيَاتٍ، وَلَوْ رَمَى أَحَدُ الْمُتَنَاضِلَيْنِ أَكْثَرَ مِنَ النَّوْبَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ لَهُ، إِمَّا بِاتِّفَاقِهِمَا وَإِمَّا بِغَيْرِهِ، لَمْ تُحْسَبِ الزِّيَادَةُ لَهُ إِنْ أَصَابَ، وَلَا عَلَيْهِ إِنْ أَخْطَأَ، وَلَوْ عَقَدَا عَلَى عَدَدٍ كَثِيرٍ عَلَى أَنْ يَرْمِيَا كُلَّ يَوْمٍ بُكْرَةً كَذَا وَعَشِيَّةً كَذَا، جَازَ، وَلَا يَتَفَرَّقَانِ كُلَّ يَوْمٍ حَتَّى يَسْتَوْفِيَا الْمَشْرُوطَ فِيهِ إِلَّا لِعُذْرٍ، كَمَرَضٍ وَرِيحٍ عَاصِفَةٍ وَنَحْوِهِ، ثُمَّ يَرْمِيَانِ عَلَى مَا مَضَى فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَوْ بَعْدَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَشْرُطَا الرَّمْيَ جَمِيعَ النَّهَارِ، وَحِينَئِذٍ يَفِيَانِ بِهِ وَلَا يَدَعَانِ إِلَّا فِي وَقْتِ الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ وَالْأَكْلِ وَنَحْوِهَا، وَتَقَعُ هَذِهِ الْأَحْوَالُ مُسْتَثْنَاةً، كَمَا فِي الْإِجَارَةِ، وَلَوْ أَطْلَقَا وَلَمْ يُبَيِّنَا وَظِيفَةَ كُلِّ يَوْمٍ، فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ، وَلَا يَتْرُكَانِ الرَّمْيَ إِلَّا بِالتَّرَاضِي أَوْ لِعَارِضٍ، كَمَرَضٍ وَرِيحٍ وَمَطَرٍ وَنَحْوِهَا، وَالْحَرُّ لَيْسَ بِعُذْرٍ، وَكَذَا الرِّيحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>