السَّبْقَ، لَا يَجُوزُ، وَلِأَنَّ الْقُرْعَةَ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي الْعُقُودِ، وَلِهَذَا لَا تَجُوزُ الْمُنَاضَلَةُ عَلَى تَعَيُّنِ مَنْ خَرَجَتِ الْقُرْعَةُ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ الْإِمَامُ: لَا بَأْسَ بِهِ، لِأَنَّ الْقُرْعَةَ بَعْدَ تَعْدِيلِ الْحِصَصِ وَالْأَقْسَاطِ مَعْهُودَةٌ، وَالَّذِي قَطَعَ بِهِ صَاحِبَا «الْمُهَذَّبِ» «وَالتَّهْذِيبِ» وَغَيْرُهُمَا: الْمَنْعُ، وَنَصَّ فِي «الْأُمِّ» أَنَّهُمَا لَوْ تَنَاضَلَا عَلَى أَنْ يَخْتَارَ كُلُّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةً وَلَمْ يُسَمِّهِمْ، لَمْ يَجُزْ، وَأَنَّهُ يَشْتَرِطُ كُلُّ وَاحِدٍ مَنْ يَرْمِي مَعَهُ بِأَنْ يَكُونَ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا يُعَرِّفُهُ، وَاحْتَجَّ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ بِظَاهِرِهِ أَنَّهُ تَكْفِي مَعْرِفَةُ الزَّعِيمَيْنِ، وَلَا يُعْتَبَرُ أَنْ يُعَرِّفَ الْأَصْحَابُ بَعْضَهُمْ بَعْضًا، وَابْتِدَاءُ أَحَدِ الْحِزْبَيْنِ بِالرَّمْيِ كَابْتِدَاءِ أَحَدِ الشَّخْصَيْنِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْرُطَا أَنَّهُ يَتَقَدَّمُ مِنْ هَذَا الْحِزْبِ فُلَانٌ وَيُقَابِلُهُ مِنَ الْحِزْبِ الْآخَرِ فُلَانٌ ثُمَّ فُلَانٌ، لِأَنَّ تَدْبِيرَ كُلِّ حِزْبٍ إِلَى زَعِيمِهِمْ، وَلَيْسَ لِلْآخَرِ مُشَارَكَتُهُ فِيهِ.
فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ
أَحَدُهَا: حَضَرَهُمْ غَرِيبٌ، فَاخْتَارَهُ أَحَدُ الزَّعِيمَيْنِ، وَظَنَّهُ يُجِيدُ الرَّمْيَ، فَبَانَ خِلَافُهُ، نُظِرَ إِنْ لَمْ يُحْسِنِ الرَّمْيَ أَصْلًا، بَطَلَ الْعَقْدُ فِيهِ، وَسَقَطَ مِنَ الْحِزْبِ الْآخَرِ وَاحِدٌ بِإِزَائِهِ، وَهَلْ يَبْطُلُ الْعَقْدُ فِي الْبَاقِي؟ فِيهِ قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَقِيلَ: يَبْطُلُ قَطْعًا، فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَبْطُلُ، فَلِلْحِزْبَيْنِ خِيَارُ الْفَسْخِ لِلتَّبْعِيضِ، فَإِنْ أَجَازُوا، وَتَنَازَعُوا فِي تَعْيِينِ مَنْ يُجْعَلُ فِي مُقَابَلَتِهِ، فُسِخَ الْعَقْدُ لِتَعَذُّرِ إِمْضَائِهِ، وَإِنْ بَانَ أَنَّهُ ضَعِيفُ الرَّمْيِ أَوْ قَلِيلُ الْإِصَابَةِ، فَلَا فَسْخَ لِأَصْحَابِهِ، وَلَوْ بَانَ فَوْقَ مَا ظَنُّوهُ، فَلَا فَسْخَ لِلْحِزْبِ الْآخَرِ هَكَذَا أَطْلَقُوهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي أَنَّهُ هَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُتَنَاضِلَيْنِ مُتَدَانِيَيْنِ وَقَدْ يُسْتَدَلُّ بِإِطْلَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ الْأَصَحَّ: أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهَذَا التَّفَاوُتِ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّ مِنْ فَوَائِدِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَجْهُولَ الَّذِي لَمْ يُخْتَبَرُ يَجُوزُ إِدْخَالُهُ فِي رِجَالِ الْمُنَاضَلَةِ، قَالَ: وَكَانَ لَا يَبْعُدُ مَنْعُهُ لِلْجَهَالَةِ الْعَظِيمَةِ، لَكِنْ نَصَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute