فَالْخَرْمُ لِيُبُوسَةِ الشَّنِّ وَنَحْوِهَا، فَهُوَ خَاسِقٌ، وَلَوْ فُرِضَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ إِصَابَةِ الطَّرَفِ، وَالْمَشْرُوطُ الْقَرْعُ أَوِ الْإِصَابَةُ دُونَ الْخَسْقِ فَطَرِيقَانِ، أَحَدُهُمَا: طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ، وَلَوْ وَقَعَ السَّهْمُ فِي ثُقْبَةٍ قَدِيمَةٍ وَثَبَتَ، فَهَلْ يُحْسَبُ خَاسِقًا؟ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا، لِأَنَّ النَّصْلَ صَادَفَ الثُّقْبَ فَلَمْ يَخْسِقْ، وَأَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، لِأَنَّ السَّهْمَ فِي قُوَّتِهِ مَا يَخْرُقُ لَوْ أَصَابَ مَوْضِعًا صَحِيحًا، وَمُقْتَضَى هَذَا أَنْ لَا يُجْعَلَ خَاسِقًا إِذَا لَمْ تُعْرَفُ قُوَّةُ السَّهْمِ، وَيُوَضِّحُهُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: لَوْ أَصَابَ مَوْضِعَ خَرْقٍ فِي الْغَرَضِ، وَثَبَتَ فِي الْهَدَفِ كَانَ خَاسِقًا، فَقَالَ الْأَصْحَابُ: أَرَادَ إِذَا كَانَ الْهَدَفُ فِي قُوَّةِ الْغَرَضِ أَوْ أَصْلَبَ مِنْهُ، بِأَنْ كَانَ مِنْ خَشَبٍ أَوْ آجِرٍ أَوْ طِينٍ يَابِسٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَلْ كَانَ تُرَابًا، أَوْ طِينًا لَيِّنًا، لَمْ يُحْسَبْ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ كَانَ يَثْبُتُ لَوْ أَصَابَ مَوْضِعًا صَحِيحًا أَمْ لَا؟ وَفِي «الْحَاوِي» وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ خَاسِقًا وَإِنْ كَانَ الْهَدَفُ فِي قُوَّةِ الْغَرَضِ، أَمَّا إِذَا خَدَشَ النَّصْلُ مَوْضِعَ الْإِصَابَةِ، وَخَرَقَ بِحَيْثُ يَثْبُتُ فِيهِ مِثْلُ هَذَا السَّهْمِ، لَكِنَّهُ رَجَعَ لِغِلَظٍ لَقِيَهُ مِنْ حَصَاةٍ أَوْ نَوَاةٍ، فَيُحْسَبُ خَاسِقًا عَلَى الْأَظْهَرِ، وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيُّ، وَفِي قَوْلٍ: لَا يُحْسَبُ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ، وَلَوِ اخْتَلَفَا فَقَالَ الرَّامِي: خَسَقَ، لَكِنْ لَمْ يَثْبُتْ لِغِلَظٍ لَقِيَهُ، وَأَنْكَرَ الْآخَرُ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ خُرُوقٌ وَلَمْ يُعْلَمْ مَوْضِعُ الْإِصَابَةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآخَرِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْخَسْقِ وَالْخَدْشِ، وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ عَيَّنَ الرَّامِي مَوْضِعًا وَقَالَ: هَذَا الْخَرْقُ حَصَلَ بِسَهْمِي، وَأَنْكَرَ صَاحِبُهُ، ثُمَّ إِنْ فُتِّشَ الْغَرَضُ، فَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ حَصَاةٌ وَلَا مَا فِي مَعْنَاهَا، لَمْ يَحْلِفْ، وَإِنْ وُجِدَ فِيهِ مَانِعٌ، حَلَفَ، وَإِذَا حَلَفَ، لَمْ يُحْسَبْ لِلرَّامِي، وَهَلْ يُحْسَبُ عَلَيْهِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا، وَإِنْ عُلِمَ مَوْضِعُ الْإِصَابَةِ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَانَعٌ، أَوْ كَانَ وَلَمْ يُؤَثِّرِ السَّهْمُ فِيهِ بِخَدْشٍ وَخَرْقٍ، صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ، وَحُسِبَتِ الرَّمْيَةُ عَلَى الرَّامِي، وَإِنْ قُلْنَا: الْخَرْقُ بِلَا ثُبُوتٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute