الثَّانِيَةُ عَشْرَةَ: إِذَا قَالَ: عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ وَذِمَّتُهُ وَأَمَانَتُهُ وَكَفَالَتُهُ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا، فَإِنْ نَوَى الْيَمِينَ فَيَمِينٌ، وَالْمُرَادُ مِنْ عَهْدِ اللَّهِ اسْتِحْقَاقُهُ لِإِيجَابِ مَا أَوْجَبَهُ عَلَيْنَا، أَوْ تَعَبُّدِنَا بِهِ، وَإِنْ أَرَادَ غَيْرَ الْيَمِينِ، كَالْعِبَادَاتِ، فَلَيْسَ بِيَمِينٍ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: يَمِينٌ لِلْعَادَةِ الْغَالِبَةِ، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ، لِتَرَدُّدِ اللَّفْظِ، وَقَدْ فُسِّرَتِ الْأَمَانَةُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ) بِالْعِبَادَاتِ وَإِذَا أَرَادَ الْيَمِينَ بِهَذِهِ الْأَلِفَاظِ، انْعَقَدَتْ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْأَلْفَاظِ تَأْكِيدٌ، كَقَوْلِهِ: وَاللَّهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْحِنْثِ فِيهَا إِلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: إِنْ قَصَدَ بِكُلِّ لَفْظٍ يَمِينًا، فَلْيَكُنْ، كَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى الْفِعْلِ الْوَاحِدِ مِرَارًا.
قُلْتُ: هَذَا الَّذِي اسْتَدْرَكَهُ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - صَحِيحٌ مُوَافِقٌ لِلنَّقْلِ، قَالَ الدَّارِمِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: إِذَا نَوَى التَّكْرَارَ، فَفِي تَكْرَارِ الْكَفَّارَةِ الْقَوْلَانِ فِيمَنْ حَلَفَ عَلَى الْفِعْلِ الْوَاحِدِ مِرَارًا، وَطَرَّدَهُ فِي قَوْلِهِ: وَاللَّهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
أَمَّا إِذَا قَالَ: وَعَهْدِ اللَّهِ، وَمِيثَاقِ اللَّهِ، وَأَمَانَةِ اللَّهِ، فَقَالَ الْمُتَوَلِّي: إِنْ نَوَى الْيَمِينَ فَيَمِينٌ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَلَا.
قُلْتُ: قَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ نَذْرَ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَقَدْ قَدَّمْتُهُ فِي كِتَابِ النُّذُورِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute