قَبْلَ الْيَمِينِ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ، أَصَحُّهَا: الْأَوَّلُ، وَبِهِ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ، وَاخْتَارَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ، وَابْنُ الصَّبَّاغِ، وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمْ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا) وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَعْظِيمِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ حَصَلَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ الْيَمِينَ لَا تُغَيِّرُ حَالَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عَمَّا كَانَ، وُجُوبًا وَتَحْرِيمًا وَنَدْبًا وَكَرَاهَةً وَإِبَاحَةً.
الطَّرَفُ الثَّانِي: فِي كَيْفِيَّةِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَهِيَ مُخْتَصَّةٌ بِاشْتِمَالِهَا عَلَى تَخْيِيرٍ فِي الِابْتِدَاءِ، وَتَرْتِيبٍ فِي الِانْتِهَاءِ فَيَتَخَيَّرُ الْحَالِفُ بَيْنَ أَنْ يُطْعِمَ عَشْرَةَ مَسَاكِينَ، أَوْ يَكْسُوهُمْ، أَوْ يَعْتِقَ رَقَبَةً، فَإِنْ اخْتَارَ الْإِطْعَامَ، أَطْعَمَ كُلَّ وَاحِدٍ مُدًّا، وَالْقَوْلُ فِي جِنْسِ الطَّعَامِ، وَكَيْفِيَّةِ إِخْرَاجِهِ، وَمَنْ يُصْرَفُ إِلَيْهِ، وَامْتِنَاعِ إِخْرَاجِ الْقِيمَةِ، وَصَرْفِ الْأَمْدَادِ الْعَشْرَةِ إِلَى بَعْضٍ، وَسَائِرِ الْمَسَائِلِ عَلَى مَا سَبَقَ فِي الْكَفَّارَاتِ، وَإِنْ اخْتَارَ الْكُسْوَةَ، كَسَاهُمْ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنْ اخْتَارَ الْإِعْتَاقَ، فَلْتَكُنِ الرَّقَبَةُ بِالصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْكَفَّارَاتِ. وَلَوْ أَطْعَمَ بَعْضَ الْعَشْرَةِ، وَكَسَا بَعْضَهُمْ، لَمْ يُجْزِهِ، كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَعْتِقَ نِصْفَ رَقَبَةٍ، أَوْ أَطْعَمَ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا، أَوْ كَسَاهُمْ عَنْ ثَلَاثِ كَفَّارَاتٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ، أَجْزَأَهُ عَنْهُنَّ، فَإِنْ عَجَزَ مِنَ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَالْقَوْلُ فِيمَا يَحْصُلُ بِهِ الْعَجْزُ ذَكَرْنَاهُ فِي الْكَفَّارَاتِ، وَمَنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ سَهْمَ الْفُقَرَاءِ أَوِ الْمَسَاكِينِ مِنَ الزَّكَوَاتِ، أَوِ الْكَفَّارَاتِ، لَهُ أَنْ يُكَفِّرَ بِالصَّوْمِ، لِأَنَّهُ فَقِيرٌ فِي الْأَخْذِ، فَكَذَا فِي الْإِعْطَاءِ، وَقَدْ يَمْلِكُ نِصَابًا، وَلَا يَفِي دَخْلُهُ بِخَرْجِهِ، فَيَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ وَلَهُ أَخْذُهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ أَنَّا لَوْ أَسْقَطْنَا الزَّكَاةَ خَلَا النِّصَابُ عَنْهَا بِلَا بَدَلٍ، وَلِلتَّكْفِيرِ بِالْمَالِ بَدَلٌ، وَهُوَ الصَّوْمُ. وَهَلْ يَجِبُ التَّتَابُعُ فِي صَوْمِ الثَّلَاثَةِ؟ قَوْلَانِ: أَظْهَرُهُمَا: عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ لَا، قَالَ الْإِمَامُ: وَهُوَ الْجَدِيدُ، فَإِنْ أَوْجَبْنَاهُ، فَالْفِطْرُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أَوِ الثَّالِثِ بِعُذْرِ الْمَرَضِ أَوِ السَّفَرِ عَلَى الْخِلَافِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute