وَمِنْهَا: لَوْ قَالَ: لَا آكُلُ هَذَا الْحَيَوَانَ، فَذَبَحَهُ وَأَكَلَهُ، حَنِثَ، لِأَنَّ الْحَيَوَانَ هَكَذَا يُؤْكَلُ، وَهُوَ كَمَا لَوْ حَلَفَ: لَا يَلْبَسُ هَذَا الْغَزْلَ، فَلَبِسَ ثَوْبًا نُسِجَ مِنْهُ، حَنِثَ. وَلَوْ قَالَ: لَا آكُلُ لَحْمَ هَذِهِ السَّخْلَةِ أَوِ الْخَرُوفِ، فَصَارَ كَبْشًا فَذَبَحَهُ وَأَكَلَهُ، فَمَنْ قَالَ فِي مَسْأَلَةِ الْحِنْطَةِ: يَحْنَثُ، قَالَ هُنَا: يَحْنَثُ، وَمَنْ قَالَ هُنَاكَ: لَا يَحْنَثُ، قَالَ هُنَا: وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا يَحْنَثُ، وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِيمَا لَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُ هَذَا الصَّبِيَّ، فَكَلَّمَهُ بَعْدَ مَصِيرِهِ شَابًّا، أَوْ هَذَا الشَّابَّ فَكَلَّمَهُ بَعْدَ مَصِيرِهِ شَيْخًا.
وَمِنْهَا: لَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُ هَذَا وَأَشَارَ إِلَى عَبْدٍ فَعُتِقَ، ثُمَّ كَلَّمَهُ، حَنِثَ، وَلَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُ هَذَا الْعَبْدَ، فَعُتِقَ، فَهُوَ كَمَسْأَلَةِ السَّخْلَةِ.
وَمِنْهَا: لَوْ قَالَ: لَا آكُلُ هَذَا الرُّطَبَ، فَصَارَ تَمْرًا، أَوْ هَذَا الْبُسْرَ فَصَارَ رُطَبًا، أَوِ الْعِنَبَ فَصَارَ زَبِيبًا، أَوْ لَا أَشْرَبُ هَذَا الْعَصِيرَ، فَصَارَ خَمْرًا، أَوْ هَذَا الْخَمْرَ فَصَارَ خَلًّا، أَوْ لَا آكُلُ هَذَا التَّمْرَ، فَاتَّخَذَ مِنْهُ عَصِيدَةً، ثُمَّ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ، فَفِيهِ هَذَا الْخِلَافُ، وَذَكَرَ الصَّيْدَلَانِيُّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - نَصَّ عَلَى عَدَمِ الْحِنْثِ فِي مَسْأَلَةِ الْحِنْطَةِ وَالتَّمْرِ، وَعَلَى الْحِنْثِ فِي الصَّبِيِّ وَالسَّخْلَةِ. فَقِيلَ: قَوْلَانِ: وَقِيلَ: بِتَقْرِيرِ النَّصَّيْنِ. وَالْفَرْقُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ مَسْأَلَةَ الْحِنْطَةِ وَالتَّمْرِ تَبَدُّلُ الِاسْمِ، وَفِي السَّخْلَةِ وَالصَّبِيِّ تَبَدُّلُ الصِّفَةِ، وَتَبَدُّلُ الصِّفَةِ لَا يُسْقِطُ الْحِنْثَ، وَالثَّانِي: أَنَّ التَّبَدُّلَ فِي الْأَوَّلِ بِمُعَالَجَةٍ، بِخِلَافِ الثَّانِي.
فَرْعٌ
حَلَفَ: لَا يَلْبَسُ الْخَاتَمَ، فَجَعَلَهُ فِي غَيْرِ الْخِنْصَرِ مِنْ أَصَابِعِهِ، فَعَنِ الْمُزَنِيِّ فِي «الْجَامِعِ» أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، وَتَابَعَهُ الْبَغَوِيُّ، وَقَاسَهُ عَلَى مَا لَوْ حَلَفَ: لَا يَلْبَسُ الْقَلَنْسُوَةَ، فَجَعَلَهَا فِي رِجْلِهِ، وَالَّذِي حَكَاهُ الرُّويَانِيُّ عَنِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَحْنَثُ.
الثَّامِنَةُ: حَلَفَ: لَا يَخْرُجُ فُلَانٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ، فَأَذِنَ بِحَيْثُ لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute