فِي الْمُصْحَفِ فَجُعِلَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقُلِّبَتْ أَوْرَاقُهُ، فَقَرَأَ فِيهِ، حَنِثَ، وَلَوْ حَلَفَ: لَا يَدْخُلُ هَذَا الْمَسْجِدَ، فَزِيدَ فِيهِ، فَدَخَلَ الزِّيَادَةَ، حَنِثَ، وَلَوْ حَلَفَ: لَا يَكْتُبُ بِهَذَا الْقَلَمِ، فَكَسَرَهُ، ثُمَّ بَرَاهُ وَكَتَبَ بِهِ، لَمْ يَحْنَثْ وَبِجَمِيعِ هَذِهِ الْأَجْوِبَةِ نَقُولُ إِلَّا [فِي] مَسْأَلَةِ الْقَلَمِ.
قُلْتُ: فِي مُوَافَقَتِهِمْ فِي مَسْأَلَةِ زِيَادَةِ الْمَسْجِدِ، نُظِرَ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ بِدُخُولِهَا، لِأَنَّ الْيَمِينَ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا حَالَةَ الْحَلِفَ. وَأَمَّا قَوْلُ الْإِمَامِ الرَّافِعِيِّ: إِنَّا نُخَالِفُهُمْ فِي مَسْأَلَةِ الْقَلَمِ، فَلَيْسَ كَمَا قَالَ، بَلْ مَذْهَبُنَا فِيهَا كَمَا ذَكَرُوهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ مِنْ تَعْلِيقِهِ: وَلَوْ حَلَفَ لَا يَكْتُبُ بِهَذَا الْقَلَمِ وَهُوَ مَبْرِيٌّ فَكَسَرَهُ، ثُمَّ بَرَاهُ وَكَتَبَ بِهِ، لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ كَانَتِ الْأُنْبُوبَةُ وَاحِدَةً، لِأَنَّ الْقَلَمَ اسْمٌ لِلْمَبْرِيِّ دُونَ الْقَصَبَةِ، وَإِنَّمَا تُسَمَّى الْقَصَبَةُ قَبْلَ الْبَرْيِ قَلَمًا مَجَازًا، لِأَنَّهَا سَتَصِيرُ قَلَمًا، قَالَ: وَكَذَا إِذَا قَالَ: لَا أَقْطَعُ بِهَذَا السِّكِّينِ، فَأَبْطَلَ حَدَّهَا، وَجَعَلَهُ فِي ظَهْرِهَا، وَقَطَعَ بِهَا لَمْ يَحْنَثْ. قَالَ: وَلَوْ حَلَفَ: لَا يَسْتَنِدُ إِلَى هَذَا الْحَائِطِ، فَهُدِمَ، ثُمَّ بُنِيَ وَاسْتَنَدَ، إِنْ بُنِيِ بِتِلْكَ الْآلَةِ، حَنِثَ، وَإِنْ أُعِيدَ بِغَيْرِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا، لَمْ يَحْنَثْ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ: لَا يَأْكُلُ مِنْ كَسْبِ زَيْدٍ، فَكَسْبُهُ مَا يَتَمَلَّكُهُ مِنَ الْمُبَاحَاتِ، الْعُقُودِ دُونَ مَا يَرِثُهُ. وَلَوْ كَسَبَ شَيْئًا وَمَاتَ، فَوَرِثَهُ الْحَالِفُ وَأَكَلَهُ، حَنِثَ، وَلَوِ انْتَقَلَ إِلَى غَيْرِهِ بِشِرَاءٍ أَوْ وَصِيَّةٍ، لَمْ يَحْنَثْ. وَلَكَ أَنْ لَا تُفَرِّقَ، وَيُشْتَرَطُ لِكَسْبِهِ أَنْ يَكُونَ بَاقِيًا فِي مِلْكِهِ. وَأَنَّ الْحَلْوَاءَ كُلُّ حُلْوٍ لَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ حَامِضٌ، كَالْخَبِيصِ وَالْعَسَلِ وَالسُّكَّرِ دُونَ الْعِنَبِ وَالْإِجَاصِ وَالرُّمَّانِ، وَالْأَشْبَهُ أَنْ يُشْتَرَطَ فِي إِطْلَاقِ الْحُلْوِ أَنْ يَكُونَ مَعْمُولًا، وَأَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ الْعَسَلُ وَالسُّكَّرُ فَالْحَلْوَاءُ غَيْرُ الْحُلْوِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute