للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ

الْمَنْسُوبُ إِلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ. أَحَدُهَا: الْعَوَامُّ وَتَقْلِيدُهُمُ الشَّافِعِيَّ مَثَلًا مُفَرَّعٌ عَلَى تَقْلِيدِ الْمَيِّتِ وَقَدْ سَبَقَ.

وَالثَّانِي: الْبَالِغُونَ لِرُتْبَةِ الِاجْتِهَادِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا وَإِنَّمَا يُنْسَبُ هَؤُلَاءِ إِلَى الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُمْ جَرَوْا عَلَى طَرِيقَتِهِ فِي الِاجْتِهَادِ وَاسْتِعْمَالِ الْأَدِلَّةِ وَتَرْتِيبِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ، وَوَافَقَ اجْتِهَادُهُمُ اجْتِهَادَهُ وَإِذَا خَالَفَ أَحْيَانًا لَمْ يُبَالُوا بِالْمُخَالَفَةِ.

وَالصِّنْفُ الثَّالِثُ: الْمُتَوَسِّطُونَ وَهُمُ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا رُتْبَةَ الِاجْتِهَادِ فِي أُصُولِ الشَّرْعِ، لَكِنَّهُمْ وَقَفُوا عَلَى أُصُولِ الْإِمَامِ فِي الْأَبْوَابِ وَتَمَكَّنُوا مِنْ قِيَاسِ مَا لَمْ يَجِدُوهُ مَنْصُوصًا لَهُ عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ، وَهَؤُلَاءِ مُقَلِّدُونَ لَهُ تَفْرِيعًا عَلَى تَقْلِيدِ الْمَيِّتِ، وَهَكَذَا مَنْ يَأْخُذُ بِقَوْلِهِمْ مِنَ الْعَوَامِّ تَقْلِيدًا لَهُ، وَالْمَعْرُوفُ لِلْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يُقَلِّدُهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ، لِأَنَّهُمْ مُقَلِّدُونَ، وَقَدْ نَجِدُ مَا يُخَالِفُ هَذَا فَإِنَّ أَبَا الْفَتْحِ الْهَرَوِيَّ وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ يَقُولُ فِي الْأُصُولِ: مَذْهَبُ عَامَّةِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْعَامِّيَّ لَا مَذْهَبَ لَهُ، فَإِنْ وَجَدَ مُجْتَهِدًا قَلَّدَهُ. وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ، وَوَجَدَ مُتَبَحِّرًا فِي مَذْهَبٍ، فَإِنَّهُ يُفْتِيهِ عَلَى مَذْهَبِ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ الْعَامِّيُّ لَا يَعْتَقِدُ مَذْهَبَهُ. وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ يُقَلِّدُ الْمُتَبَحِّرَ فِي نَفْسِهِ.

وَإِذَا اخْتَلَفَ مُتَبَحِّرَانِ فِي مَذْهَبٍ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي قِيَاسِ أَصْلِ مَذْهَبِ إِمَامِهِمَا، وَمِنْ هَذَا يَتَوَلَّدُ وُجُوهُ الْأَصْحَابِ، فَنَقُولُ: أَيُّهُمَا يَأْخُذُ الْعَامِّيُّ؟ فِيهِ مَا سَنَذْكُرُهُ فِي اخْتِلَافِ الْمُجْتَهِدِينَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِذَا نَصَّ صَاحِبُ الْمَذْهَبِ عَلَى الْحُكْمِ وَالْعِلَّةِ، أَلْحَقَ بِتِلْكَ الْعِلَّةِ غَيْرَ الْمَنْصُوصِ بِالْمَنْصُوصِ، وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى الْحُكْمِ، فَهَلْ يَسْتَنْبِطُ الْمُتَبَحِّرُ الْعِلَّةَ وَيُعَدِّي الْحُكْمَ بِهَا، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: لَا، وَالْأَشْبَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>