بِالسَّاعَاتِ الْأَرْبَعِ وَالْعِشْرِينَ، بَلْ تَرْتِيبُ الدَّرَجَاتِ، وَفَضْلُ السَّابِقِ عَلَى الَّذِي يَلِيهِ، لِئَلَّا يَسْتَوِيَ فِي الْفَضِيلَةِ رَجُلَانِ جَاءَا فِي طَرَفَيْ سَاعَةٍ.
وَالْأَمْرُ الثَّالِثُ: التَّزَيُّنُ، فَيُسْتَحَبُّ التَّزَيُّنُ لِلْجُمُعَةِ، بِأَخْذِ الشَّعْرِ، وَالظُّفُرِ، وَالسِّوَاكِ، وَقَطْعِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ، وَيَلْبَسُ أَحْسَنَ الثِّيَابِ، وَأَوْلَاهَا الْبِيضُ. فَإِنْ لَبِسَ مَصْبُوغًا، فَمَا صُبِغَ غَزْلُهُ، ثُمَّ نُسِجَ كَالْبُرْدِ، لَا مَا صُبِغَ مَنْسُوجًا.
وَيُسْتَحَبُ أَنْ يَتَطَيَّبَ بِأَطْيَبِ مَا عِنْدَهُ، وَيُسْتَحَبَّ أَنْ يَزِيدَ الْإِمَامُ فِي حُسْنِ الْهَيْئَةِ، وَيَتَعَمَّمَ، وَيَرْتَدِيَ. وَيُسْتَحَبُّ لِكُلِّ مَنْ قَصَدَ الْجُمُعَةَ، الْمَشْيُ عَلَى سَكِينَةٍ مَا لَمْ يَضِقِ الْوَقْتُ، وَلَا يَسْعَى إِلَيْهَا، وَلَا إِلَى غَيْرِهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ، وَلَا يَرْكَبُ فِي جُمُعَةٍ، وَلَا عِيدٍ، وَلَا جِنَازَةٍ، وَلَا عِيَادَةِ مَرِيضٍ، إِلَّا لِعُذْرٍ. وَإِذَا رَكِبَ، سَيَّرَهَا عَلَى سُكُونٍ.
الْأَمْرُ الرَّابِعُ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ بَعْدَ (الْفَاتِحَةِ) : سُورَةَ (الْجُمُعَةِ) . وَفِي الثَّانِيَةِ: (الْمُنَافِقِينَ) . وَفِي قَوْلٍ قَدِيمٍ: إِنَّهُ يَقْرَأُ فِي الْأُولَى: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) . وَفِي الثَّانِيَةِ: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ)
قُلْتُ: عَجَبٌ مِنَ الْإِمَامِ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، كَيْفَ جَعَلَ الْمَسْأَلَةَ ذَاتَ قَوْلَيْنِ، قَدِيمٍ وَجَدِيدٍ؟ ! وَالصَّوَابُ: أَنَّهُمَا سُنَّتَانِ. فَقَدْ ثَبَتَ كُلُّ ذَلِكَ فِي (صَحِيحِ مُسْلِمٍ) مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَكَانَ يَقْرَأُ هَاتَيْنِ فِي وَقْتٍ، وَهَاتَيْنِ فِي وَقْتٍ. وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْتُهُ، أَنَّ الرَّبِيعَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَهُوَ رَاوِي الْكُتُبِ الْجَدِيدَةِ قَالَ: سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ ذَلِكَ، فَذَكَرَ أَنَّهُ يَخْتَارُ (الْجُمُعَةَ) وَ (الْمُنَافِقِينَ) وَلَوْ قَرَأَ (سَبِّحْ) وَ (هَلْ أَتَاكَ) كَانَ حَسَنًا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَلَوْ نَسِيَ سُورَةَ (الْجُمُعَةِ) فِي الْأُولَى، قَرَأَهَا مَعَ (الْمُنَافِقِينَ) فِي الثَّانِيَةِ، وَلَوْ قَرَأَ (الْمُنَافِقِينَ) فِي الْأُولَى، قَرَأَ (الْجُمُعَةَ) فِي الثَّانِيَةِ.
قُلْتُ: وَلَا يُعِيدُ (الْمُنَافِقِينَ) فِي الثَّانِيَةِ. وَقَوْلُهُ: لَوْ نَسِيَ (الْجُمُعَةَ) فِي الْأُولَى، مَعْنَاهُ: تَرَكَهَا، سَوَاءٌ كَانَ نَاسِيًا، أَوْ عَامِدًا، أَوْ جَاهِلًا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute