للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَالًا أَوْ نِكَاحًا أَوْ غَيْرَهُمَا، فَإِنْ كَانَ نِكَاحًا، لَمْ يَحِلَّ لِلْمَحْكُومِ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ، وَيَلْزَمُهَا الْهَرَبُ وَالِامْتِنَاعُ مَا أَمْكَنَهَا، فَإِنْ أُكْرِهَتْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهَا، فَإِنْ وَطِئَ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: هُوَ زَانٍ وَيُحَدُّ، وَخَالَفَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالرُّويَانِيُّ؛ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَجْعَلُهَا مَنْكُوحَةً بِالْحُكْمِ، وَذَلِكَ شُبْهَةٌ لِلْخِلَافِ فِي الْإِبَاحَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ الطَّلَاقَ، حُلَّ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا إِنَّ تَمَكَّنَ، لَكِنْ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ يُعَرِّضُ نَفْسَهُ لِلتُّهْمَةِ وَالْحَدِّ وَيَبْقَى التَّوَارُثُ بَيْنَهُمَا، وَلَا تَبْقَى النَّفَقَةُ لِلْحَيْلُولَةِ، وَلَوْ تَزَوَّجَتِ الْآخَرَ، فَالْحِلُّ مُسْتَمِرٌّ لِلْأَوَّلِ، فَإِنْ وَطِئَهَا الثَّانِي جَاهِلًا بِالْحَالِ، فَهُوَ وَطْءُ شُبْهَةٍ، وَيَحْرُمُ عَلَى الْأَوَّلِ فِي الْعِدَّةِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي عَالِمًا، أَوْ نَكَحَهَا أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ وَوَطِئَ، فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يُحَدُّ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْأَوَّلِ فِي الْعِدَّةِ، وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ وَطْءُ شُبْهَةٍ لِمَا سَبَقَ.

الضَّرْبُ الثَّانِي: الْإِنْشَاءَاتُ كَالتَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، وَفَسْخِ النِّكَاحِ بِالْعَيْبِ، وَالتَّسْلِيطِ عَلَى الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنْ تَرَتَّبَتْ عَلَى أَصْلٍ كَاذِبٍ، بِأَنْ فُسِخَ بِعَيْبٍ قَامَتْ بِشَهَادَةِ زُورٍ، فَهُوَ كَالضَّرْبِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ تَرَتَّبَتْ عَلَى أَصْلٍ صَادِقٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي مَحَلِّ اخْتِلَافِ الْمُجْتَهِدِينَ، نُفِّذَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ، نُفِّذَ ظَاهِرًا، وَفِي الْبَاطِنِ أَوْجُهٌ، أَصَحُّهَا عِنْدَ جَمَاعَةٍ، مِنْهُمُ الْبَغَوِيُّ، وَالشَّيْخُ أَبُو عَاصِمٍ: النُّفُوذُ مُطْلَقًا لِتَتَّفِقَ الْكَلِمَةُ، وَيَتِمَّ الِانْتِفَاعُ، وَالثَّانِي: الْمَنْعُ، وَبِهِ قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ، وَاخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ. وَالثَّالِثُ: إِنِ اعْتَقَدَهُ الْخَصْمُ أَيْضًا، نُفِّذَ بَاطِنًا، وَإِلَّا فَلَا، هَذِهِ الْأَوْجُهُ تُشْبِهُ الْأَوْجُهَ فِي اقْتِدَاءِ الشَّافِعِيِّ بِالْحَنَفِيِّ وَعَكْسِهِ، فَإِنْ مَنَعْنَا النُّفُوذَ بَاطِنًا مُطْلَقًا، أَوْ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَعْتَقِدُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>