للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْعُدَّةِ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَكْفِي أَنْ يَقُولَ: هُوَ عَدْلٌ.

وَقِيلَ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ: عَدْلٌ عَلِيٌّ وَلِيٌّ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّهِ فِي «الْأُمِّ» وَالْمُخْتَصَرِ لَكِنْ تَأَوَّلَهُ الْأَوَّلُونَ أَوْ جَعَلُوهُ تَأْكِيدًا لَا شَرْطًا.

وَلَا يَحْصُلُ التَّعْدِيلُ بِقَوْلِهِ: لَا أَعْلَمُ مِنْهُ إِلَّا خَيْرًا، أَوْ لَا أَعْلَمُ مِنْهُ مَا تَرِدُ بِهِ الشَّهَادَةُ.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: إِذَا ارْتَابَ الْقَاضِي بِالشُّهُودِ، أَوْ تَوَهَّمَ غَلَطَهُمْ لِخِفَّةِ عَقْلٍ وَجَدَهَا فِيهِمْ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُفَرِّقَهُمْ، وَيَسْأَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَنْ وَقْتِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَامًا وَشَهْرًا وَيَوْمًا وَغُدْوَةً أَوْ عَشِيَّةً، وَمَكَانَ مَحَلَّةٍ وَسِكَّةٍ، وَدَارٍ وَصِفَةٍ، وَيَسْأَلُ أَتَحَمَّلَ وَحْدَهُ أَمْ مَعَ غَيْرِهِ وَأَنَّهُ كَتَبَ شَهَادَتَهُ أَمْ لَا، وَأَنَّهُ كَتَبَ قَبْلَ فُلَانٍ أَمْ بَعْدَهُ، وَكَتَبُوا بِحِبْرٍ أَمْ بِمِدَادٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ، لِيَسْتَدِلَّ عَلَى صِدْقِهِمْ إِنِ اتَّفَقَتْ كَلِمَتُهُمْ، وَيَقِفُ إِنْ لَمْ تَتَّفِقْ.

وَإِذَا أَجَابَهُ أَحَدُهُمْ، لَمْ يَدَعْهُ يَرْجِعُ إِلَى الْبَاقِينَ حَتَّى يَسْأَلَهُمُ الْقَاضِي لِئَلَّا يُخْبِرَهُمْ بِجَوَابِهِ وَمَتَى اتَّفَقُوا عَلَى الْجَوَابِ، أَوْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلتَّفْصِيلِ، وَرَأَى أَنْ يَعِظَهُمْ، وَيُحَذِّرَهُمْ عُقُوبَةَ شَهَادَةِ الزُّورِ، فَعَلَ، فَإِنْ أَصَرُّوا، وَجَبَ الْقَضَاءُ إِذَا وَجَدَ شُرُوطَهُ، وَلَا عِبْرَةَ بِمَا يَبْقَى مِنْ رِيبَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ فِيهِمْ خِفَّةً وَلَا رِيبَةً، فَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ لَا يُفَرِّقُهُمْ؛ لِأَنَّ فِيهِ غَضًّا مِنْهُمْ. وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: يُفَرِّقُهُمْ، وَقَالَ الْبَغَوِيُّ: إِنْ فَرَّقَهُمْ، بِمَسْأَلَةِ الْخَصْمِ، فَلَا بَأْسَ، ثُمَّ إِنَّ التَّفْرِيقَ وَالِاسْتِفْصَالَ جَعَلَهُ الْغَزَالِيُّ بَعْدَ التَّزْكِيَةِ، وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَّلَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ أَنَّهُ قَبْلَ الِاسْتِزْكَاءِ، فَإِنِ اطَّلَعَ عَلَى عَوْرَةٍ، اسْتَغْنَى عَنِ الِاسْتِزْكَاءِ وَالْبَحْثِ عَنْ حَالِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ، فَإِنْ عَرَفَهُمْ بِالْعَدَالَةِ، حَكَمَ، وَإِلَّا فَحِينَئِذٍ يَسْتَزْكِي، وَهَلْ هَذَا التَّفْرِيقُ وَالِاسْتِفْصَالُ وَاجِبٌ أَمْ مُسْتَحَبٌّ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ الصَّحِيحُ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ كَجٍّ وَالْبَغَوِيُّ، وَعَامَّةُ الْأَصْحَابِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلَفْظِ «الْمُخْتَصَرِ» أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَالثَّانِي وَاجِبٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>