فَرْعٌ
يَجُوزُ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى قَاضٍ مُعَيَّنٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يُطْلِقَ فَيَكْتُبَ إِلَى كُلِّ مَنْ يَصِلُ إِلَيْهِ مِنَ الْقُضَاةِ، وَإِذَا كَانَ الْكِتَابُ إِلَى مُعَيَّنٍ، فَشَهِدَ شَاهِدَا الْحُكْمِ عِنْدَ حَاكِمٍ آخَرَ، قَبِلَ شَهَادَتَهُمَا وَأَمْضَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَكْتُبْ: وَإِلَى كُلِّ مَنْ يَصِلُ إِلَيْهِ مِنَ الْقُضَاةِ؛ اعْتِمَادًا عَلَى الشَّهَادَةِ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْكَاتِبُ وَشَهِدَا عَلَى حُكْمِهِ عِنْدَ الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ أَوْ مَاتَ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ، وَشَهِدَا عِنْدَ مَنْ قَامَ مَقَامَهُ، قَبِلَ شَهَادَتَهُمَا، وَأَمْضَى الْحُكْمَ.
وَالْعَزْلُ وَالْجُنُونُ وَالْعَمَى وَالْخَرَسُ كَالْمَوْتِ. وَلَوْ كَتَبَ الْقَاضِي إِلَى خَلِيفَتِهِ، ثُمَّ مَاتَ الْقَاضِي، أَوْ عُزِلَ، تَعَذَّرَ عَلَى الْخَلِيفَةِ الْقَبُولُ وَالْإِمْضَاءُ إِنْ قُلْنَا: يَنْعَزِلُ بِانْعِزَالِ الْأَصْلِ، وَلَوِ ارْتَدَّ الْقَاضِي الْكَاتِبُ أَوْ فَسَقَ، ثُمَّ وَصَلَ الْكِتَابُ إِلَى الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ، فَوَجْهَانِ، قَطَعَ ابْنُ الْقَاصِّ وَصَاحِبَا «الْمُهَذَّبِ» وَ «التَّهْذِيبِ» وَآخَرُونَ بِأَنَّ الْكِتَابَ إِنْ كَانَ بِالْحُكْمِ الْمُبْرَمِ، أُمْضِيَ؛ لِأَنَّ الْفِسْقَ الْحَادِثَ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْحُكْمِ السَّابِقِ، وَإِنْ كَانَ بِسَمَاعِ الشَّهَادَةِ، لَمْ يُقْبَلْ وَلَمْ يُحْكَمْ بِهِ، كَمَا لَوْ فَسَقَ الشَّاهِدُ قَبْلَ الْحُكْمِ، وَأَطْلَقَ ابْنُ كَجٍّ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ كِتَابُهُ إِذَا فَسَقَ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَابْنِ الصَّبَّاغِ.
شُهُودُ الْكِتَابِ وَالْحُكْمِ يُشْتَرَطُ ظُهُورُ عَدَالَتِهِمْ عِنْدَ الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ، وَهَلْ تَثْبُتُ عَدَالَتُهُمْ بِتَعْدِيلِ الْكَاتِبِ إِيَّاهُمْ؟ وَجْهَانِ، قَالَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ: نَعَمْ لِلْحَاجَةِ، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ تَعْدِيلٌ قَبْلَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ، وَلِأَنَّهُ كَتَعْدِيلِ الْمُدَّعِي شُهُودَهُ، وَلِأَنَّ الْكِتَابَ إِنَّمَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِمْ، فَلَوْ ثَبَتَ بِهِ عَدَالَتُهُمْ لَثَبَتَتْ بِقَوْلِهِمْ، وَالشَّاهِدُ لَا يُزَكِّي نَفْسَهُ.
يَنْبَغِي أَنْ يُثْبِتَ الْقَاضِي فِي الْكِتَابِ اسْمَ الْمَحْكُومِ لَهُ، وَالْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، وَكُنْيَتَهُمَا، وَاسْمَ أَبَوَيْهِمَا، وَجَدَّيْهِمَا، وَحِلْيَتَهُمَا، وَصَنْعَتَهُمَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute