للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُقَدَّمَةُ، فَإِذَا لَمْ يَحْكُمِ الْقَاضِي، وَأَنْهَى مَا جَرَى مِنَ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ بِالْكِتَابِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ كِتَابَ نَقْلِ الشَّهَادَةِ، وَكِتَابَ التَّثْبِيتِ، أَيْ: تَثْبِيتِ الْحُجَّةِ.

وَيَنُصُّ عَلَى الْحُجَّةِ، فَيَذْكُرُ أَنَّهُ قَامَتْ عِنْدَهُ بَيِّنَةٌ أَوْ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ، أَوْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَحَلَفَ الْمُدَّعِي، وَإِنَّمَا يَنُصُّ عَلَى الْحُجَّةِ، لِيَعْرِفَ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ تِلْكَ الْحُجَّةَ، فَقَدْ لَا يَرَى بَعْضَ تِلْكَ الْحُجَّةِ، وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكْتُبَ بِعِلْمِ نَفْسِهِ لِيَقْضِيَ بِهِ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ؟ قَالَ فِي الْعُدَّةِ: لَا يَجُوزُ وَإِنْ جَوَّزْنَا الْقَضَاءَ بِالْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يُحْكَمْ بِهِ هُوَ كَالشَّاهِدِ وَالشَّهَادَةُ لَا تَتَأَدَّى بِالْكِتَابَةِ.

وَفِي أَمَالِي السَّرَخْسِيِّ جَوَازُهُ، وَيَقْضِي بِهِ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ إِذَا جَوَّزْنَا الْقَضَاءَ بِالْعِلْمِ. وَإِذَا كَتَبَ بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ، فَلْيُسَمِّ الشَّاهِدَيْنَ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَبْحَثَ عَنْ حَالِهِمَا وَيُعَدِّلَهُمَا؛ لِأَنَّ أَهْلَ بَلَدِهِمَا أَعْرَفُ بِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، فَعَلَى الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ الْبَحْثُ وَالتَّعْدِيلُ. إِذَا عُدِّلَ، فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَتْرُكَ اسْمَ الشَّاهِدَيْنِ؟ قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: لَا، وَالْقِيَاسُ الْجَوَازُ، كَمَا أَنَّهُ إِذَا حَكَمَ، اسْتَغْنَى عَنْ تَسْمِيَةِ الشُّهُودِ، وَهَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِ، وَهَلْ يَأْخُذُ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ بِتَعْدِيلِ الْكِتَابِ أَمْ لَهُ الْبَحْثُ وَإِعَادَةُ التَّعْدِيلِ؟ لَفْظُ الْغَزَالِيِّ يَقْتَضِي الثَّانِي، وَالْقِيَاسُ الْأَوَّلُ.

قُلْتُ: هَذَا الَّذِي جَعَلَهُ الْقِيَاسُ هُوَ الصَّوَابُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَا حَاجَةَ فِي هَذَا الْقِسْمِ إِلَى تَحْلِيفِ الْمُدَّعِي، وَالْقَوْلُ فِي إِشْهَادِ الْقَاضِي، وَفِي أَدَاءِ الشُّهُودِ الشَّهَادَةَ عِنْدَ الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ وَفِي دَعْوَى الْخَصْمِ إِنْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يُشَارِكُهُ فِي الِاسْمِ عَلَى مَا سَبَقَ فِي الْقَسَمِ الْأَوَّلِ، وَإِذَا عَدَّلَ الْكَاتِبُ شُهُودَ الْحَقِّ، فَجَاءَ الْخَصْمُ بِبَيِّنَتِهِ عَلَى جَرْحِهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>