فَرْعٌ
الْقَاسِمُ الْمَنْصُوبُ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ يَدُرُّ رِزْقَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: لَا يَدُرَّ، وَهَذَا ضَعِيفٌ. وَإِذَا لَمْ يَكْفِ مُؤْنَتَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَأُجْرَتُهُ عَلَى الشُّرَكَاءِ، سَوَاءٌ طَلَبَ جَمِيعُهُمُ الْقِسْمَةَ أَمْ بَعْضُهُمْ، وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ وَغَيْرُهُ: عَلَى الطَّالِبِ وَحْدَهُ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، ثُمَّ إِنِ اسْتَأْجَرَ الشُّرَكَاءُ قَاسِمًا، وَسَمَّوْا لَهُ أُجْرَةً، وَأَطْلَقُوا، فَتِلْكَ الْأُجْرَةُ تُوَزَّعُ عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ قَوْلَانِ ثَانِيهِمَا عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ، وَيَجْرِي الطَّرِيقَانِ فِيمَا لَوِ اسْتَأْجَرُوهُ اسْتِئْجَارًا فَاسِدًا، فَقَسَمَ، أَنَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ كَيْفَ تُوَزَّعُ؟ وَفِيمَا لَوْ أَمَّرُوا قَاسِمًا فَقَسَمَ، وَلَمْ يَذْكُرُوا أُجْرَةً، وَقُلْنَا: تَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ، وَفِيمَا لَوْ أَمَّرَ الْقَاضِي قَاسِمًا فَقَسَمَ قَسْمَ إِجْبَارٍ.
وَلَوِ اسْتَأْجَرُوا قَاسِمًا، وَسَمَّى كُلُّ وَاحِدٍ أُجْرَةً الْتَزَمَهَا، فَلَهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مَا الْتَزَمَ، هَذَا إِذَا اسْتَأْجَرُوا جَمِيعًا بِأَنْ قَالُوا: اسْتَأْجَرْنَاكَ لِتَقْسِمَ بَيْنَنَا كَذَا بِدِينَارٍ عَلَى فُلَانٍ، وَدِينَارَيْنِ عَلَى فُلَانٍ مَثَلًا أَوْ وَكَّلُوا وَكِيلًا عَقَدَ لَهُمْ كَذَلِكَ، فَلَوِ اسْتَأْجَرُوا فِي عُقُودٍ مُتَرَتِّبَةٍ، فَعَقْدٌ وَاحِدٌ لِإِفْرَازِ نَصِيبِهِ، ثُمَّ الثَّانِي كَذَلِكَ، ثُمَّ الثَّالِثُ، فَقَدْ جَوَّزَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ، وَأَنْكَرَهُ الْإِمَامُ، وَقَالَ: هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِقْلَالُ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ بِاسْتِئْجَارِ الْقَاسِمِ لِإِفْرَازِ نَصِيبِهِ، وَلَا سَبِيلَ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّ إِفْرَازَ نَصِيبِهِ لَا يُمْكِنُ إِلَّا بِالتَّصَرُّفِ فِي نَصِيبِ الْآخَرِينَ تَرَدُّدًا وَتَقْرِيرًا وَلَا سَبِيلَ إِلَيْهِ إِلَّا بِرِضَاهُمْ، لَكِنْ يَجُوزُ انْفِرَادُ أَحَدِهِمْ بِرِضَى الْبَاقِينَ فَيَكُونُ أَصْلًا وَوَكِيلًا وَلَا حَاجَةَ إِلَى عَقْدِ الْبَاقِينَ، وَحِينَئِذٍ إِنْ فَصَلَ مَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِالتَّرَاضِي، فَذَاكَ، وَإِنْ أَطْلَقَ، عَادَ الْخِلَافُ فِي كَيْفِيَّةِ التَّوْزِيعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute