بِالتَّرَاضِي فَبِيعَ قَطْعًا. وَقِيلَ الْقَوْلَانِ فِي الْحَالَيْنِ، قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَالْأَصَحُّ الطَّرِيقُ الْأَوَّلُ، ثُمَّ الْقَوْلُ بِأَنَّهَا بَيْعٌ لَا يُمْكِنُ إِطْلَاقُهُ فِي كُلِّ مَا حَصَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، بَلِ النِّصْفُ الَّذِي صَارَ فِي يَدِهِ، كَانَ نِصْفُهُ لَهُ، وَنِصْفُهُ لِصَاحِبِهِ، فَالْقِسْمَةُ إِفْرَازٌ فِيمَا كَانَ لِصَاحِبِهِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. وَأَمَّا قِسْمَةُ التَّعْدِيلِ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا بِيعٌ، وَقِيلَ فِيهِ الْقَوْلَانِ، وَقِسْمَةُ الرَّدِّ بَيْعٌ، كَذَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ، وَقِيلَ: بَيْعٌ فِيمَا يُقَابِلُ الْمَرْدُودَ، وَفِيمَا سِوَاهُ الْخِلَافُ فِي قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ.
فَرْعٌ
إِذَا قُلْنَا: الْقِسْمَةُ بَيْعٌ، فَاقْتَسَمَا رِبَوِيًّا، وَجَبَ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ، وَلَمْ تَجُزْ قِسْمَةُ الْمَكِيلِ وَزْنًا وَلَا الْعَكْسُ، وَلَا يَجُوزُ قِسْمَةُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ، وَمَا أَثَّرَتْ فِيهِ النَّارُ بِتَعْقِيدِ الْأَجْزَاءِ، وَإِنْ قُلْنَا: إِفْرَازٌ جَازَ كُلُّ ذَلِكَ. وَتَجُوزُ قِسْمَةُ الْجِصِّ وَالنُّورَةِ كَيْلًا وَوَزْنًا عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَلَا تُقْسَمُ الثِّمَارُ عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ خَرْصًا إِنْ قُلْنَا: الْقِسْمَةُ بَيْعٌ، كَمَا لَا تُبَاعُ خَرْصًا، وَإِنْ قُلْنَا: إِفْرَازٌ، فَإِنْ كَانَتْ رُطَبًا وَعِنَبًا، جَازَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهَمَا، فَلَا؛ لِأَنَّ الْخَرْصَ لَا يَدْخُلُ غَيْرَهُمَا، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ مَزْرُوعَةٌ، فَأَرَادَا قِسْمَةَ الْأَرْضِ وَحْدَهَا، جَازَ، وَإِنْ طَلَبَهَا أَحَدُهُمَا أُجْبِرَ الْآخَرُ، وَيَجِيءُ عَلَى قَوْلٍ: الْقِسْمَةُ بَيْعُ وَجْهٍ مَذْكُورٍ فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ أَرَادَا قِسْمَةَ الْأَرْضِ وَمَا فِيهَا لَمْ يَجُزْ إِنِ اشْتَدَّ الْحَبُّ.
أَمَّا إِنْ جَعَلْنَاهَا إِفْرَازًا، فَلِأَنَّهُ قِسْمَةُ مَجْهُولٍ وَمَعْلُومٍ، وَأَمَّا إِنْ جَعَلْنَاهَا بَيْعًا فَلِأَنَّهُ بَيْعُ طَعَامٍ وَأَرْضٍ بِطَعَامٍ وَأَرْضٍ، وَكَذَا لَوْ كَانَ بَذْرًا بَعْدُ، وَإِنْ كَانَ قَصِيلًا، جَازَ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مَشَاهَدْ. وَإِنْ أَرَادَا قِسْمَةَ مَا فِيهَا وَحْدَهُ، فَكَذَا الْحُكْمُ إِنْ لَمْ يَنْبُتْ، أَوِ اشْتَدَّ الْحُبُّ، لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute