فَإِنْ قُلْنَا: بِالْأُولَى رَكْعَةً، فَارَقَتْهُ إِذَا قَامَ إِلَى الثَّانِيَةِ، وَتُتِمُّ لِنَفْسِهَا، كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي ذَاتِ الرَّكْعَتَيْنِ. وَإِنْ قُلْنَا: بِالْأُولَى رَكْعَتَيْنِ، جَازَ أَنْ يَنْتَظِرَ الثَّانِيَةَ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَجَازَ أَنْ يَنْتَظِرَهُمْ فِي الْقِيَامِ الثَّالِثِ. وَأَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: الِانْتِظَارُ فِي الْقِيَامِ. وَعَلَى هَذَا هَلْ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ، أَمْ يَصْبِرُ إِلَى لُحُوقِ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ؟ فِيهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ.
فَرْعٌ
إِذَا كَانَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ رُبَاعِيَّةً، بِأَنْ كَانَتْ فِي الْحَضَرِ، أَوْ أَرَادُوا الْإِتْمَامَ فِي السَّفَرِ، فَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُفَرِّقَهُمْ فِرْقَتَيْنِ، وَيُصَلِّيَ بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ هَلِ الْأَفْضَلُ أَنْ يَنْتَظِرَ الثَّانِيَةَ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، أَمْ فِي الْقِيَامِ الثَّالِثِ؟ فِيهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْمَغْرِبِ. وَيَتَشَهَّدُ بِكُلِّ طَائِفَةٍ بِلَا خِلَافٍ. فَلَوْ فَرَّقَهُمْ أَرْبَعَ فِرَقٍ، وَصَلَّى بِكُلِّ فِرْقَةٍ رَكْعَةً، بِأَنْ صَلَّى بِالْأُولَى رَكْعَةً، ثُمَّ فَارَقَتْهُ، وَصَلَّتْ ثَلَاثًا وَسَلَّمَتْ، وَانْتَظَرَ قَائِمًا فَرَاغَهَا وَذَهَابَهَا وَمَجِيءَ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ صَلَّى بِالثَّانِيَةِ الثَّانِيَةَ، وَانْتَظَرَ جَالِسًا فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، أَوْ قَائِمًا فِي الثَّالِثَةِ، وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ صَلَّى بِالثَّالِثَةِ الثَّالِثَةَ، وَانْتَظَرُوا فِي قِيَامِ الرَّابِعَةِ، وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ صَلَّى بِالرَّابِعَةِ الرَّابِعَةَ، وَانْتَظَرَهُمْ فِي التَّشَهُّدِ، فَأَتَمُّوا وَسَلَّمَ بِهِمْ، فَفِي جَوَازِهِ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: الْجَوَازُ، فَعَلَى هَذَا قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: شَرْطُهُ الْحَاجَةُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ، فَهُوَ كَفِعْلِهِمْ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ.
وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ تَكُونُ الطَّائِفَةُ الرَّابِعَةُ، كَالثَّانِيَةِ فِي ذَاتِ الرَّكْعَتَيْنِ، فَيَعُودُ الْخِلَافُ فِي أَنَّهُمْ يُفَارِقُونَهُ قَبْلَ التَّشَهُّدِ، أَوْ يَتَشَهَّدُونَ مَعَهُ، أَوْ يَقُومُونَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ إِلَى مَا عَلَيْهِمْ، وَتَتَشَهَّدُ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ مَعَهُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَعَلَى الثَّانِي تُفَارِقُهُ قَبْلَ التَّشَهُّدِ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ تَصِحُّ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَالطَّائِفَةُ الرَّابِعَةُ، وَفِي الطَّوَائِفِ الثَّلَاثِ الْقَوْلَانِ فِيمَنْ فَارَقَ الْإِمَامَ بِغَيْرِ عُذْرٍ. وَأَمَّا إِذَا قُلْنَا: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، فَصَلَاةُ الْإِمَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute