للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا تُرَدُّ شَهَادَةُ مُسْتَحِلِّ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَالْمُفْتِي بِهِ وَالْعَامِلِ بِهِ وَنَقَلَ الْقَاضِي أَبُو الْفَيَّاضِ مِثْلَهُ.

قُلْتُ: قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: قَالَ فِي «الْأُمِّ» إِذَا أَخَذَ مِنَ النِّثَارِ فِي الْفَرَحِ لَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُحِلُّ ذَلِكَ، وَأَنَا أَكْرَهُهُ. قَالَ فِي «الْأُمِّ» : وَمَنْ ثَبَتَ أَنَّهُ يَحْضُرُ الدَّعْوَةَ بِغَيْرِ دُعَاءٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَلَا يَسْتَحِلُّ صَاحِبُ الطَّعَامِ، وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ، رُدَّتْ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَأْكُلُ مُحَرَّمًا إِذَا كَانَتِ الدَّعْوَةُ دَعْوَةَ رَجُلٍ مِنَ الرَّعِيَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ دَعْوَةَ سُلْطَانٍ، أَوْ مَنْ يَتَشَبَّهُ بِالسُّلْطَانِ فَهَذَا طَعَامٌ عَامٌّ، فَلَا تَأْثِيرَ بِهِ. قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: وَإِنَّمَا اشْتُرِطَ تَكَرُّرُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ شُبْهَةٌ حَتَّى يَمْنَعَهُ صَاحِبُ الطَّعَامِ، فَإِذَا تَكَرَّرَ، صَارَ دَنَاءَةً، وَقِلَّةَ مُرُوءَةٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الشَّرْطُ الْخَامِسُ: الْمُرُوءَةُ، وَهِيَ التَّوَقِّي عَنِ الْأَدْنَاسِ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ لَا مُرُوءَةَ لَهُ، فَمَنْ تَرَكَ الْمُرُوءَةَ لَبِسَ مَا لَا يَلِيقُ بِأَمْثَالِهِ بِأَنْ لَبِسَ الْفَقِيهُ الْقَبَاءَ وَالْقَلَنْسُوَةَ وَيَتَرَدَّدُ فِيهِمَا فِي بَلَدٍ لَمْ تَجْرِ عَادَةُ الْفُقَهَاءُ بِلُبْسِهِمَا فِيهِ، أَوْ لَبِسَ التَّاجِرُ ثَوْبَ الْجَمَّالَ، أَوْ تَعَمَّمَ الْجَمَّالُ وَتَطَلَّسَ، وَرَكِبَ بَغْلَةً مُثْمِنَةً، وَطَافَ فِي السُّوقِ، وَاتَّخَذَ نَفْسَهُ ضُحْكَةً، وَمِنْهُ الْمَشْيُ فِي السُّوقِ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ وَالْبَدَنِ إِذَا لَمْ يَكُنِ الشَّخْصُ سُوقِيًّا مِمَّنْ يَلِيقُ بِهِ مِثْلُهُ، وَكَذَا مَدُّ الرَّجُلِ بَيْنَ النَّاسِ، وَالْأَكْلُ فِي السُّوقِ وَالشُّرْبُ مِنْ سِقَايَاتِهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّخْصُ سُوقِيًّا، أَوْ شَرِبَ لِغَلَبَةِ عَطَشٍ، وَمِنْهُ أَنْ يُقْبِّلَ امْرَأَتَهُ أَوْ جَارِيَتَهُ بِحَضْرَةِ النَّاسِ، أَوْ يَحْكِي مَا يَجْرِي بَيْنَهُمَا فِي الْخَلْوَةِ، أَوْ يُكْثِرُ مِنَ الْحِكَايَاتِ الْمُضْحِكَةِ، أَوْ يَخْرُجُ عَنْ حُسْنِ الْعِشْرَةِ مَعَ الْأَهْلِ وَالْجِيرَانِ وَالْمُعَامِلِينَ، وَيُضَايِقُ فِي الْيَسِيرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>