للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ

ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو سَعْدٍ الْهَرَوِيُّ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ لِأَبِي عَاصِمٍ الْعَبَّادِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُودِعِ لِلْمُودَعِ إِذَا نَازَعَهُ فِي الْوَدِيعَةِ أَجْنَبِيٌّ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَدِيمُ الْيَدَ لِنَفْسِهِ، وَيُقْبَلُ لِلْأَجْنَبِيُّ، وَكَذَا شَهَادَةُ الْمُرْتَهِنِ لَا يُقْبَلُ لِلرَّاهِنِ، وَيُقْبَلُ لِلْأَجْنَبِيِّ، وَإِنَّ شَهَادَةَ الْغَاصِبِ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِالْعَيْنِ لِأَجْنَبِيٍّ لَا تُقْبَلُ لِفِسْقِهِ، وَلِتُهْمَتِهِ بِدَفْعِ الضَّمَانِ، وَمُؤْنَةٍ لِرَدٍّ، فَإِنْ شَهِدَ بَعْدَ الرَّدِّ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ شَهِدَ بَعْدَ التَّلَفِ، لَمْ تُقْبَلْ؛ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ الضَّمَانَ، وَإِنَّ شَهَادَةَ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا بَعْدَ الْقَبْضِ لَا تُقْبَلُ لِلْأَجْنَبِيِّ لِمَا ذَكَرْنَا، وَإِنَّ شَهَادَةَ الْمُشْتَرِي شِرَاءً صَحِيحًا بَعْدَ الْإِقَالَةِ، وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ، لَا تُقْبَلُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَبْقِي لِنَفْسِهِ الْغَلَّاتِ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي الْمِلْكَ مِنْ تَارِيخٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى الْبَيْعِ. وَلَوْ شَهِدَ بَعْدَ الْفَسْخِ بِخِيَارِ الشَّرْطِ أَوِ الْمَجْلِسِ، فَوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ، وَتَرْجِعُ الْفَوَائِدُ إِلَى الْبَائِعِ أَمْ حِينَهُ وَلَا يَرْجِعُ.

وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِمَيِّتٍ دَيْنٌ عَلَى شَخْصٍ، فَشَهِدَ أَجْنَبِيَّانِ لِرَجُلٍ بِأَنَّهُ أَخُو الْمَيِّتِ، ثُمَّ شَهِدَ الْغَرِيمَانِ لِآخَرَ بِأَنَّهُ ابْنُهُ، لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ الْغَرِيمَيْنِ، لِأَنَّهُمَا يَنْقُلَانِ مَا عَلَيْهِمَا لِلْأَخِ إِلَى الْآخَرِ بِخِلَافَ مَا لَوْ تَقَدَّمَتْ شَهَادَةِ الْغَرِيمَيْنِ، وَأَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَارِثِينَ عَلَى مَوْتَ الْمُوَرِّثَ، وَلَا شَهَادَةُ الْمُوصَى لَهُمَا عَلَى الْمُوصِي، وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْغَرِيمَيْنِ عَلَى مَوْتِ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ، لِأَنَّهُمَا لَا يَنْتَفِعَانِ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ، وَلَا يُنْظَرُ إِلَى نَقْلِ الْحَقِّ مِنْ شَخْصٍ إِلَى شَخْصٍ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ خَلِيفَةُ الْمُوَرِّثِ، فَكَأَنَّهُ هُوَ، وَلَوْ شَهِدَ شُهُودٌ بِقَتْلِ الْخَطَإِ، فَشَهِدَ اثْنَانِ مِنَ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقِ شُهُودِ الْقَتْلِ، لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا، لِأَنَّهُمَا يَدْفَعَانِ ضَرَرَ التَّحَمُّلِ.

وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى مُفْلِسٍ بَدَيْنٍ، فَشَهِدَ غُرَمَاؤُهُ الْآخَرُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>