وَقَعَ فِي كَلَامِ الْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الشَّاهِدَ يَقُولُ: رَأَيْنَا ذَكَرَهُ فِي فَرْجِهَا كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ، وَهَذَا التَّشْبِيهُ زِيَادَةُ بَيَانٍ، وَلَيْسَ بِشَرْطٍ، صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو سَعْدٍ.
فَرْعٌ
هَلْ يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَى الْفَرْجِ لِتَحَمُّلِ شَهَادَةِ الزِّنَى أَوْ وِلَادَةٍ، أَوْ عَيْبٍ بَاطِنٍ أَمْ لَا، وَإِنَّمَا يَشْهَدُ عَلَيْهِ عِنْدَ وُقُوعِ النَّظَرِ (إِلَيْهِ) اتِّفَاقًا؟ فِيهِ أَوْجُهٌ سَبَقَتْ فِي أَوَّلِ النِّكَاحِ، الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ الْجَوَازُ، وَالثَّانِي: الْمَنْعُ، وَالثَّالِثُ: الْمَنْعُ فِي الزِّنَى دُونَ غَيْرِهِ، وَالرَّابِعُ عَكْسُهُ.
الضَّرْبُ الثَّانِي: مَا لَيْسَ بِمَالٍ، وَلَا يُقْصَدُ مِنْهُ مَالٌ، فَإِنْ كَانَ عُقُوبَةً، لَمْ تَثْبُتْ إِلَّا بِرَجُلَيْنِ سَوَاءٌ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ - تَعَالَى - كَحَدِّ الشُّرْبِ، وَقَطْعِ الطَّرِيقِ، وَقَتْلِ الرِّدَّةِ، وَحَقُّ الْعِبَادِ كَالْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ، أَوِ الطَّرَفِ، وَحَدِّ الْقَذْفِ. وَالتَّعْزِيرُ كَالْحَدِّ، وَلَا مَدْخَلَ لِشَهَادَةِ النِّسَاءِ فِيهَا. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عُقُوبَةٍ، فَهُوَ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا: يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا، فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ إِلَّا رَجُلَانِ، وَذَلِكَ كَالنِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ، وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَالْإِسْلَامِ وَالرِّدَّةِ، وَالْبُلُوغِ وَالْإِيلَاءِ، وَالظِّهَارِ وَالْإِعْسَارِ، وَالْمَوْتِ، وَالْخُلْعِ مِنْ جَانِبِ الْمَرْأَةِ، وَالْوَلَاءِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَجَرْحِ الشُّهُودِ وَتَعْدِيلِهِمْ، وَالْعَفْوِ عَنِ الْقِصَاصِ وَالْإِحْصَانِ، وَالْكَفَالَةِ وَالشَّهَادَةِ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ غَيْرِ رَمَضَانَ، وَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، وَالْقَضَاءِ وَالْوِلَايَةِ إِنِ اشْتَرَطْنَا فِيهِمَا الشَّهَادَةَ، وَالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ، وَكَذَا الْكِتَابَةُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ: تَثْبُتُ الْكِتَابَةُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَمِنْهُ الْوَكَالَةُ وَالْوِصَايَةُ وَإِنْ كَانَتَا مِنَ الْمَالِ، لِأَنَّهُمَا وِلَايَةٌ وَسَلْطَنَةٌ. وَمِنْهُ الْقِرَاضُ، وَكَذَا الشَّرِكَةُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: تَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ.
النَّوْعٍ الثَّانِي: مَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ، وَتَخْتَصُّ النِّسَاءُ بِمَعْرِفَتِهِ غَالِبًا، فَيُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَتُهُنَّ مُنْفَرِدَاتٍ، وَذَلِكَ كَالْوِلَادَةِ، وَالْبَكَارَةِ، وَالثِّيَابَةِ، وَالرَّتْقِ، وَالْقَرْنِ، وَالْحَيْضِ، وَالرَّضَاعِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute