فَإِنْ قُلْنَا: لَا، فَلِلْمُدَّعِي مُلَازَمَتُهُ إِلَى أَنْ يُعْطِيَهُ كَفِيلًا وَأُجْرَةَ مَنْ يَبْعَثُهُ الْقَاضِي مَعَهُمَا لِلتَّكْفِيلِ عَلَى الْمُدَّعَى، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى قِصَاصًا، أَوْ حَدَّ قَذْفٍ، حُبِسَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ مُتَعَلِّقٌ بِبَدَنِهِ، فَيُحْتَاطُ لَهُ.
قُلْتُ: قَالَ الْبَغَوِيُّ: سَوَاءٌ قَذَفَ زَوْجَتَهُ أَوْ أَجْنَبِيًّا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَا يُحْبَسُ فِي حُدُودِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَأَمَّا فِي دَعْوَى النِّكَاحِ، فَتُعَدَّلُ الْمَرْأَةُ عِنْدَ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ، وَتُمْنَعُ مِنَ الِانْتِشَارِ وَالْخُرُوجِ، وَفِيهِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ، فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ هَلْ يُؤْخَذُ مِنْهَا كَفِيلٌ؟ وَجْهَانِ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو سَعْدٍ: فَإِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ مُزَوَّجَةً، لَمْ يُمْنَعْ مِنْهَا زَوْجُهَا قَبْلَ التَّعْدِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُدَّعًى عَلَيْهِ، وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ لِعَبْدٍ بِأَنَّ سَيِّدَهُ أَعْتَقَهُ، وَطَلَبَ الْعَبْدُ الْحَيْلُولَةَ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ، أَجَّلَهُ الْقَاضِي، وَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ، وَيُؤَجِّرُهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ، فَمَا فَضَلَ فَمَوْقُوفٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّيِّدِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ، أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهِ إِنْ بَانَ جَرْحُ الشُّهُودِ وَاسْتَمَرَّ الرِّقُّ، وَكَذَا الْأَعْيَانُ الْمُنْتَزَعَةُ يُؤَجِّرُهَا، وَهَلْ تَتَوَقَّفُ الْحَيْلُولَةُ عَلَى طَلَبِ الْعَبْدِ؟ وَجْهَانِ، الْأَصَحُّ: لَا، بَلْ إِذَا رَأَى الْحَاكِمُ الْحَيْلُولَةَ، فَعَلَهَا.
وَفِي الْأَمَةِ تَتَحَتَّمُ الْحَيْلُولَةُ احْتِيَاطًا لِلْبُضْعِ، وَكَذَا لَوِ ادَّعَتِ الْمَرْأَةُ الطَّلَاقَ، وَأَقَامَتْ شَاهِدَيْنِ، فَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ التَّزْكِيَةِ، وَالْوَجْهَانِ فِي اشْتِرَاطِ طَلَبِ الْعَبْدِ لِلْحَيْلُولَةِ جَارِيَانِ فِي انْتِزَاعِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ، وَيَقْرُبُ مِنْهَا وَجْهَانِ، حَكَاهُمَا ابْنُ كَجٍّ فِي أَنَّ إِجَارَةَ الْعَبْدِ هَلْ تَفْتَقِرُ إِلَى طَلَبِ السَّيِّدِ أَوِ الْعَبْدِ، أَمْ يُؤَجِّرُهُ بِغَيْرِ طَلَبِهِمَا؟ وَالثَّانِي أَقْرَبُ إِلَى ظَاهِرِ النَّصِّ، هَذَا كُلُّهُ إِذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدَيْنِ، فَلَوْ أَقَامَ شَاهِدًا، وَطَلَبَ الِانْتِزَاعَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِآخَرَ هَلْ يُجَابُ؟ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ: لَا؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ وَحْدَهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَفِي الشَّاهِدَيْنِ تَمَّتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute