لَكِنْ لَوْ شَهِدَ قَبْلَ اسْتِئْذَانِهِ، فَقَالَ الْقَاضِي: كُنْتُ ذَاهِلًا لَمْ أَسْمَعْ، لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا. وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الشَّاهِدِ مَعَ الْيَمِينِ:
يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فِي الْجُمْلَةِ، فَمَا ثَبَتَ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ ثَبَتَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ إِلَّا عُيُوبَ النِّسَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا، وَمَا لَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ لَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَلَا يُقْضَى بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٍ فِي الْأَمْوَالِ قَطْعًا، وَلَا فِيمَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ النِّسْوَةِ مُنْفَرِدَاتٍ عَلَى الْأَصَحِّ.
ثُمَّ هَلِ الْقَضَاءُ بِالشَّاهِدِ وَحْدَهُ، وَالْيَمِينُ مُؤَكِّدَةٌ أَمْ بِهَا وَحْدَهَا، وَهُوَ مُؤَكِّدٌ، أَمْ بِهِمَا؟ أَوْجُهٌ، أَصَحُّهَا الثَّالِثُ، فَلَوْ رَجَعَ الشَّاهِدُ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ، غَرِمَ، أَوْ بِالثَّانِي، فَلَا، أَوْ بِالثَّالِثِ، غَرِمَ النِّصْفَ، ثُمَّ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي بَعْدَ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَتَعْدِيلِهِ، وَجَوَّزَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ تَقْدِيمَ الْيَمِينِ عَلَى شَهَادَتِهِ.
كَمَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْمَرْأَتَيْنِ عَلَى الرَّجُلِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَيَجِبُ أَنْ يَتَعَرَّضَ الْحَالِفُ فِي الْيَمِينِ لِصِدْقِ الشَّاهِدِ، فَيَقُولُ: وَاللَّهُ إِنَّ شَاهِدِي لَصَادِقٌ، وَإِنِّي مُسْتَحِقٌّ لِكَذَا، قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوْ أَخَّرَ تَصْدِيقَ الشَّاهِدِ، وَقَدَّمَ ذِكْرَ الِاسْتِحْقَاقِ، جَازَ، وَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يُضَايَقُ فِيهِ. وَلَوْ فُسِّقَ الشَّاهِدُ بَعْدَ الْقَضَاءِ، لَمْ يُنْقَضِ الْحُكْمُ، وَإِنْ فُسِّقَ قَبْلَهُ، صَارَ كَأَنْ لَا شَاهِدَ، فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ نَكَلَ، حَلَفَ الْمُدَّعِي، وَلَمْ يُعْتَدَّ بِمَا مَضَى، وَلَوْ لَمْ يَحْلِفِ الْمُدَّعِي مَعَ شَاهِدِهِ، وَطَلَبَ يَمِينَ الْخَصْمِ، فَلَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ حَلَفَ، سَقَطَتِ الدَّعْوَى. قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ بَعْدَ ذَلِكَ مَعَ شَاهِدِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَامَ بَعْدَ يَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً، فَيُسْمَعُ، وَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَأَرَادَ الْمُدَّعِي يَمِينَ الرَّدِّ مُكِّنَ مِنْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute