وَهُوَ مَحْمُولٌ، كَانَ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْحَمْلِ قَطْعًا. قَالَ ابْنُ كَجٍّ: يَقَعُ السِّلَاحُ عَلَى السَّيْفِ، وَالسِّكِّينِ، وَالْقَوْسِ، وَالرُّمْحِ، وَالنُّشَّابِ وَنَحْوِهَا. فَأَمَّا التُّرْسُ وَالدِّرْعُ، فَلَيْسَ بِسِلَاحٍ. وَإِذَا أَوْجَبْنَا حَمْلَ السِّلَاحِ فَتَرَكَهُ، لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ قَطْعًا.
قُلْتُ: وَيَجُوزُ تَرْكُ السِّلَاحِ لِلْعُذْرِ بِمَرَضٍ، أَوْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ غَيْرِهِ. قَالَ فِي (الْمُخْتَصَرِ) : أَكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْخَوْفِ، يَعْنِي صَلَاةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَفِي وَجْهٍ: الْعَدُوُّ ثَلَاثَةٌ، وَالثَّلَاثَةُ أَقَلُّ الطَّائِفَةِ. وَلَوْ صَلَّى بِوَاحِدٍ وَاحِدٍ، جَازَ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
النَّوْعُ الرَّابِعُ: صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ.
فَإِذَا الْتَحَمَ الْقِتَالُ وَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ تَرْكِهِ بِحَالٍ، لِقِلَّتِهِمْ، وَكَثْرَةِ الْعَدُوِّ، أَوِ اشْتَدَّ الْخَوْفُ وَإِنْ لَمْ يَلْتَحِمِ الْقِتَالُ، فَلَمْ يَأْمَنُوا أَنْ يَرْكَبُوا أَكْتَافَهُمْ، لَوْ وَلَّوْا عَنْهُمْ، أَوِ انْقَسَمُوا، صَلَّوْا بِحَسْبِ الْإِمْكَانِ، وَلَيْسَ لَهُمُ التَّأْخِيرُ عَنِ الْوَقْتِ. وَيُصَلُّونَ رُكْبَانًا وَمُشَاةً، وَلَهُمْ تَرْكُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ إِذَا لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهَا، وَيَجُوزُ اقْتِدَاءُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ مَعَ اخْتِلَافِ الْجِهَةِ، كَالْمُصَلِّينَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ وَفِيهَا.
قُلْتُ: قَالَ أَصْحَابُنَا: وَصَلَاةُ الْجَمَاعَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَفْضَلُ مِنَ الِانْفِرَادِ، كَحَالَةِ الْأَمْنِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَإِنَّمَا يُعْفَى عَنْ تَرْكِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ إِذَا كَانَ بِسَبَبِ الْعَدُوِّ، فَلَوِ انْحَرَفَ عَنِ الْقِبْلَةِ بِجِمَاحِ الدَّابَّةِ، وَطَالَ الزَّمَانُ، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. وَإِذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إِتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، اقْتَصَرُوا عَلَى الْإِيمَاءِ بِهِمَا وَجَعَلُوا السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَاشِي اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ فِي الرُّكُوعِ وَلَا السُّجُودِ، وَلَا التَّحَرُّمُ، وَلَا وَضْعُ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ، فَإِنَّهُ يَخَافُ الْهَلَاكَ، بِخِلَافِ الْمُتَنَفِّلِ فِي السَّفَرِ، وَيَجِبُ الِاحْتِرَازُ عَنِ الصِّيَاحِ بِكُلِّ حَالٍ بِلَا خِلَافٍ، فَإِنَّهُ لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ، وَلَا بَأْسَ بِالْأَعْمَالِ الْقَلِيلَةِ، فَإِنَّهَا مُحْتَمَلَةٌ فِي غَيْرِ الْخَوْفِ، فَفِيهِ أَوْلَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute