فَإِذَا انْقَرَضْنَا، فَعَلَى الْفُقَرَاءِ، فَأَقَامُوا بِذَلِكَ شَاهِدًا، وَإِنْ حَلَفُوا مَعَهُ أَخَذُوا الدَّارَ وَقْفًا، ثُمَّ إِذَا حَدَثَ لِأَحَدِهِمْ وَلَدٌ، فَمُقْتَضَى الْوَقْفِ شَرِكَتُهُ، فَيُوقَفُ رُبُعُ الْغَلَّةِ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ، فَيُصْرَفَ إِلَيْهِ إِنْ حَلَفَ، وَلَمْ يَجْعَلُوهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْبَطْنَ الثَّانِيَ هَلْ يَحْتَاجُونَ إِلَى يَمِينٍ إِذَا حَلَفَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ، بَلْ جَزَمُوا بِاحْتِيَاجِهِ إِلَى الْيَمِينِ بَعْدَ الْبُلُوغِ إِلَّا السَّرَخْسِيَّ، فَحَكَى فِيهِ وَجْهًا.
ثُمَّ إِنَّ الرُّبُعَ الْمَوْقُوفَ هَلْ يُوقَفُ فِي يَدِ الْبَنِينَ الثَّلَاثَةِ، أَمْ يُنْتَزَعُ، وَيَجْعَلُهُ فِي يَدِ أَمِينٍ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي، فَإِنْ نَكَلَ بَعْدَ بُلُوغِهِ صُرِفَ الْمَوْقُوفُ إِلَى الثَّلَاثَةِ، وَجُعِلَ كَأَنَّهُ لَمْ يُولَدْ، هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ، وَحُكِيَ وَجْهٌ أَوْ تَخْرِيجٌ أَنَّ نَصِيبَ الْمَوْلُودِ وَقْفٌ تَعَذَّرَ مَصْرَفُهُ، فَيَجِيءُ الْخِلَافُ السَّابِقُ؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ مُعْتَرِفُونَ بِأَنَّهُ لَهُ، فَكَيْفَ يَأْخُذُونَهُ بِامْتِنَاعِهِ بِالْيَمِينِ، وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَالنُّكُولِ، لَمْ يَسْتَحِقَّهَا.
فَأَمَّا رَقَبَةُ الْوَقْفِ وَغَلَّتُهَا بَعْدَ مَوْتِ الْوَلَدِ، فَمُقْتَضَى الشَّرْطِ أَنْ يَسْتَغْرِقَهَا الثَّلَاثَةُ الْحَالِفُونَ، وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ تَجْدِيدُ يَمِينٍ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَكَأَنَّ الْمَوْلُودَ لَمْ يَكُنْ. وَلَوْ مَاتَ أَحَدُ الْحَالِفِينَ فِي صِغَرِ الْوَلَدِ وُقِفَ مِنْ يَوْمِ مَوْتِهِ لِلْوَلَدِ ثُلُثُ الْغَلَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقِّينَ صَارُوا ثَلَاثَةً فَإِنْ بَلَغَ وَحَلَفَ، أَخَذَ الرُّبُعَ وَالثُّلُثَ الْمَوْقُوفَيْنَ، وَإِنْ نَكَلَ صَرَفَ الرُّبُعَ إِلَى الِابْنَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ وَوَرَثَةِ الْمَيِّتِ، وَصَرَفَ الثُّلُثَ إِلَى الْبَاقِينَ خَاصَّةً، وَيَعُودُ فِيهِ التَّخْرِيجُ السَّابِقُ.
وَلَوْ بَلَغَ الْوَلَدُ مَجْنُونًا أَدَمْنَا الْوَقْفَ طَمَعًا فِي إِفَاقَتِهِ، فَإِنْ وُلِدَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يُفِيقَ وُقِفَ لَهُ الْخُمُسُ، وَلِلْمَوْلُودِ الْخُمُسُ مِنْ يَوْمِ وِلَادَةِ الْوَلَدِ، فَإِنْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ، وَبَلَغَ وَلَدُهُ وَحَلَفَا، أَخَذَ الْمَجْنُونُ الرُّبُعَ مِنْ يَوْمِ وِلَادَتِهِ إِلَى يَوْمِ وِلَادَةِ وَلَدِهِ، وَالْخُمُسَ مِنْ يَوْمِئِذٍ، وَأَخَذَ وَلَدُهُ الْخُمُسَ مِنْ يَوْمَئِذٍ. وَلَوْ مَاتَ الْمَجْنُونُ فِي جُنُونِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute