فَرْعٌ
وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ الْعِتْقُ، فَإِذَا شَهِدَا بِعِتْقِ عَبْدٍ، وَقَضَى بِهِ الْقَاضِي، ثُمَّ رَجَعَا، غَرِمَا قِيمَةَ الْعَبْدِ، وَلَمْ يُرَدَّ الْعِتْقُ، سَوَاءٌ كَالْمَشْهُودِ بِعِتْقِهِ قِنًّا أَوْ مُدَبَّرًا، أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ، أَوْ مُعَلَّقًا عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، وَلَوْ شَهِدَا بِتَدْبِيرِ عَبْدٍ، أَوِ اسْتِيلَادِ جَارِيَةٍ، ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْقَضَاءِ، لَمْ يَغْرَمَا فِي الْحَالِ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَزُلْ، فَإِذَا مَاتَ، غَرِمَا بِالرُّجُوعِ السَّابِقِ، وَهَكَذَا لَوْ شَهِدَا بِتَعْلِيقِ عِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ بِصِفَةٍ، ثُمَّ رَجَعَا وَفِيهِمَا وَجْهٌ، لِأَنَّهُمَا لَمْ يَشْهَدَا بِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ وَلَوْ شَهِدَا بِكِتَابَتِهِ، ثُمَّ رَجَعَا، وَأَدَّى النُّجُومَ، وَعَتَقَ ظَاهِرًا، فَفِيمَ يَغْرَمَانِ؟ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: كُلَّ الْقِيمَةِ، وَالثَّانِي: مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ وَالنُّجُومِ. وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ هُوَ دُونَ الْقِيمَةِ، فَالْمَنْقُولُ أَنَّهُ كَمَا لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا بِأَلِفٍ، وَمَهْرُهَا أَلْفَانِ.
وَمِنْهُ أَنَّهُ إِذَا شَهِدَا أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى مَسْجِدٍ أَوْ جِهَةٍ عَامَّةٍ، ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْقَضَاءِ، غَرِمَا قِيمَتَهُ، وَلَا يُرَدُّ الْوَقْفُ، وَكَذَا لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ جَعَلَ هَذِهِ الشَّاةَ أُضْحِيَةً.
الضَّرْبُ الثَّانِي: مَا لَا يَتَعَذَّرُ تَدَارُكُهُ وَهُوَ الْأَمْوَالُ أَعْيَانُهَا وَدُيُونُهَا، فَإِذَا شَهِدُوا لِرَجُلٍ بِمَالٍ، ثُمَّ رَجَعُوا بَعْدَ دَفْعِ الْمَالِ إِلَيْهِ، لَمْ يُنْقَضِ الْحُكْمُ، وَلَمْ يُرَدَّ الْمَالُ إِلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَحَكَى فِي «الْعُدَّةِ» وَجْهًا أَنَّهُ يُنْقَضُ، وَيُرَدُّ الْمَالُ وَهُوَ شَاذٌّ، وَهَلْ يَغْرَمُونَ؟ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْإِمَامِ وَغَيْرِهِمْ: نَعَمْ، وَقِيلَ: لَا يَغْرَمُونَ قَطْعًا، وَقِيلَ: يَغْرَمُونَ الدَّيْنَ دُونَ الْعَيْنِ، وَالْمَذْهَبُ الْغُرْمُ مُطْلَقًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute