حَضَرَ عِنْدَ الْقَاضِي وَعَرَضَ عَلَيْهِ الْيَمِينَ، فَهَلْ يَسْتَقِلُّ بِالْأَخْذِ أَمْ يَجِبُ الرَّفْعُ إِلَى الْقَاضِي؟
وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا جَوَازُ الِاسْتِقْلَالِ، قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ، وَابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَصَحَّحَهُ الْقَاضِيَانِ أَبُو الطَّيِّبِ وَالرُّويَانِيُّ، لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي قِصَّةِ هِنْدٍ، وَلِأَنَّ فِي الْمُرَافَعَةِ مَشَقَّةً وَمُؤْنَةً، وَتَضْيِيعَ زَمَانٍ.
وَمَتَى جَازَ لِلْمُسْتَحِقِّ الْأَخْذُ، فَلَمْ يَصِلْ إِلَى الْمَالِ إِلَّا بِكَسْرِ الْبَابِ، وَنَقْبِ الْجِدَارِ، جَازَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَا يَضْمَنُ مَا فَوَّتَهُ، كَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى دَفْعِ الصَّائِلِ إِلَّا بِإِتْلَافِ مَالِهِ، فَأَتْلَفَهُ لَا يَضْمَنُ، وَقِيلَ: يَضْمَنُ وَهُوَ شَاذٌّ، ثُمَّ إِنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْ جِنْسِ الْحَقِّ فَلَهُ تَمَلُّكُهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّمَلُّكُ.
وَقِيلَ: يَتَمَلَّكُ قَدْرَ حَقِّهِ، وَيَسْتَقِلُّ بِالْمُعَاوَضَةِ لِلضَّرُورَةِ، كَمَا يَسْتَقِلُّ بِالتَّعْيِينِ عِنْدَ أَخْذِهِ الْجِنْسَ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، ثُمَّ هَلْ يَرْفَعُهُ إِلَى الْقَاضِي لِيَبِيعَهُ، أَمْ يَسْتَقِلُّ بِبَيْعِهِ؟ وَجْهَانِ، وَيُقَالُ: قَوْلَانِ، أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ الِاسْتِقْلَالُ، هَذَا إِنْ كَانَ الْقَاضِي جَاهِلًا بِالْحَالِ، وَلَا بَيِّنَةَ لِلْآخِذِ، فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي عَالِمًا، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَبِيعُهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ، فَإِنْ أَوْجَبْنَا الرَّفْعَ إِلَى الْقَاضِي، فَهَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي بَيْعِهِ، أَوْ يُفَوِّضَهُ إِلَى غَيْرِهِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ.
وَفِي طَرِيقَةٍ عِنْدَ الرَّفْعِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: يَبِيعُهُ الْقَاضِي بَعْدَ إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْمَالِ، وَهَذَا يُبْطِلُ فَائِدَةَ تَجْوِيزِ الْبَيْعِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ الْبَيِّنَةِ. وَالثَّانِي: يُوَاطِئُ رَجُلًا يُقِرُّ لَهُ بِالْحَقِّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute