يَقُولَ: نَكَحْتُهَا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ، فَمِنَ الْأَصْحَابِ مَنِ اكْتَفَى فِي دَعْوَى النِّكَاحِ بِالْإِطْلَاقِ، وَلَمْ يَشْتَرِطِ التَّعَرُّضَ لِهَذَا التَّفْصِيلِ، كَمَا يُكْتَفَى فِي دَعْوَى اسْتِحْقَاقِ الْمَالِ بِالْإِطْلَاقِ، وَحَمَلُوا النَّصَّ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَالتَّأْكِيدِ، وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ: إِنِ ادَّعَى ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ وَجَبَ التَّفْصِيلُ، وَإِنِ ادَّعَى دَوَامَهُ فَلَا؛ لِأَنَّ الشُّرُوطَ لَا تُعْتَبَرُ فِي الدَّوَامِ، وَأَخَذَ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ بِظَاهِرِ النَّصِّ، وَأَوْجَبُوا التَّفْصِيلَ وَالتَّعَرُّضَ لِلشُّرُوطِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا؛ لِأَنَّ الْفُرُوجَ يُحْتَاطُ لَهَا كَالدِّمَاءِ، وَالْوَطْءُ الْمُسْتَوْفَى لَا يُتَدَارَكُ كَالدَّمِ. وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْمَالِ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى نَفْسَ الْمَالِ فَإِنَّمَا اكْتُفِيَ بِالْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّ أَسْبَابَهُ لَا تَنْحَصِرُ، فَيَشُقُّ ضَبْطُهَا، وَإِنْ كَانَ عَقْدًا عَلَى مَالٍ كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَهِبَةٍ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا قَالَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ: يُشْتَرَطُ التَّفْصِيلُ، وَذِكْرُ الشُّرُوطِ كَالنِّكَاحِ، وَالثَّانِي: إِنْ تَعَلَّقَ الْعَقْدُ بِجَارِيَةٍ اشْتُرِطَ احْتِيَاطًا الْبِضْعُ، وَإِلَّا فَلَا، وَالثَّالِثُ وَهُوَ أَصَحُّهَا، وَنَقَلَهُ ابْنُ كَجٍّ عَنِ النَّصِّ: لَا يُشْتَرَطُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْمَالُ وَهُوَ أَخَفُّ شَأْنًا، وَلِهَذَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْإِشْهَادُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ. وَأَمَّا التَّعَرُّضُ فِي دَعْوَى النِّكَاحِ لِعَدَمِ مَانِعِ النِّكَاحِ، كَالرِّدَّةِ وَالْعِدَّةِ وَالرِّضَاعِ، فَلَا يُشْتَرَطُ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا، وَلِكَثْرَتِهَا، فَإِنْ شَرَطْنَا التَّفْصِيلَ فِي النِّكَاحِ، فَيَقُولُ: نَكَحْتُهَا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ. وَيُشْتَرَطُ وَصْفُ الْوَلِيِّ وَالشَّاهِدَيْنِ بِالْعَدَالَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيَاسُهُ وُجُوبِ التَّعَرُّضِ لِسَائِرِ الصِّفَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْأَوْلِيَاءِ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الشَّاهِدَيْنِ وَالْوَلِيِّ، وَالْغَرَضُ أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ النِّكَاحَ لَمْ يَخْلُ عَنْ وَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ، وَيُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِرِضَا الْمَرْأَةِ إِنْ كَانَ رِضَاهَا شَرْطًا، فَإِنْ كَانَتْ أَمَةً، اشْتُرِطَ التَّعَرُّضُ لِلْعَجْزِ عَنِ الطَّوْلِ، وَلِخَوْفِ الْعَنَتِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنْ شَرْطَنَا التَّفْصِيلَ فِي دَعْوَى الْبَيْعِ، قَالُوا: يَقُولُ: تَعَاقَدْنَا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَنَحْنُ جَائِزَا التَّصَرُّفِ، وَتَفَرَّقْنَا عَنْ تَرَاضٍ، وَيُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى النِّكَاحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute