للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِغَصْبِهِ، وَلَوِ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى وَارِثِ الْمَيِّتِ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ، لَمْ يَكْفِ ذِكْرُ الدَّيْنِ وَوَصْفُهُ، بَلْ يُذْكَرُ مَعَ ذَلِكَ مَوْتُ مَنْ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ حَصَلَ فِي يَدِهِ مِنَ التَّرِكَةِ مَا يَفِي بِجَمِيعِهِ أَوْ بِبَعْضِهِ، وَأَنْ يَعْلَمَ دَيْنَهُ عَلَى مُوَرِّثِهِ، وَهَكَذَا كُلُّ مَا يَحْلِفُ الْمُنْكِرُ فِيهِ عَلَى الْعِلْمِ يُشْتَرَطُ فِي الدَّعْوَى عَلَيْهِ التَّعَرُّضُ لِلْعِلْمِ، فَيَقُولُ: غَصَبَ مِنِّي مُوَرِّثُكَ كَذَا، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ غَصَبَهُ، ثُمَّ إِذَا تَعَرَّضَ لِجَمِيعِ ذَلِكَ، فَإِنْ أَنْكَرَ الْوَارِثُ الدَّيْنَ، حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، فَإِنْ نَكَلَ، حَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى الْبَتِّ، وَإِنْ أَنْكَرَ مَوْتَ مَنْ عَلَيْهِ، فَهَلْ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ أَمْ عَلَى الْبَتِّ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ اطِّلَاعُهُ عَلَيْهِ، أَمْ يُفَرَّقُ بَيْنَ تَعَهُّدِهِ حَاضِرًا أَمْ غَائِبًا؟ فِيهِ أَوْجُهٌ، أَصَحُّهَا: الْأَوَّلُ، وَإِنْ أَنْكَرَ حُصُولَ التَّرِكَةِ عِنْدَهُ، حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ، وَإِنْ أَنْكَرَ الدَّيْنَ، وَحُصُولَ التَّرِكَةِ مَعًا وَأَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى نَفْيِ التَّرِكَةِ وَحْدَهُ، وَأَرَادَ الْمُدَّعِي تَحْلِيفَهُ عَلَى نَفْيِ التَّرِكَةِ، وَنَفْيِ الْعِلْمِ بِالدَّيْنِ جَمِيعًا، حَلَفَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي إِثْبَاتِ الدَّيْنِ، فَلَعَلَّهُ يَظْفَرُ بِوَدِيعَةٍ لِلْمَيِّتِ أَوْ دَيْنٍ فَيَأْخُذُ مِنْهُ حَقَّهُ. وَلَوِ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّ عَبْدَكَ جَنَى عَلَيَّ بِمَا يُوجِبُ كَذَا، وَأَنْكَرَ فَهَلْ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ أَمْ عَلَى الْبَتِّ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي؛ لِأَنَّ عَبْدَهُ مَالُهُ، وَفِعْلُهُ كَفِعْلِهِ، وَلِذَلِكَ سُمِعَتِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ، وَلَوِ ادَّعَى أَنَّ بَهِيمَتَكَ أَتْلَفَتْ لِي زَرْعًا أَوْ غَيْرَهُ حَيْثُ يَجِبُ الضَّمَانُ، فَأَنْكَرَ، حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ؛ لِأَنَّهُ لَا ذِمَّةَ لَهَا، وَالْمَالِكُ لَا يَضْمَنُ بِفِعْلِ الْبَهِيمَةِ، بَلْ بِتَقْصِيرِهِ فِي حِفْظِهَا وَهُوَ أَمْرٌ يَتَعَلَّقُ بِالْحَالِفِ، وَلَوْ نَصَبَ الْبَائِعُ وَكِيلًا لِيَقْبِضَ الثَّمَنَ، وَيُسَلِّمَ الْمَبِيعَ، فَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي: إِنَّ مُوَكِّلَكَ أَذِنَ فِي تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ، وَتَرْكِ حَقِّ الْجِنْسِ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ، فَهَلْ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ، أَمْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ؟ قَوْلَانِ، اخْتِيَارُ أَبِي زَيْدٍ الْبَتُّ؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ لِنَفْسِهِ اسْتِحْقَاقَ الْيَدِ عَلَى الْمَبِيعِ.

قُلْتُ: نَفْيُ الْعِلْمِ أَقْوَى. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>