للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَحْلِفُ، كَمَا سَبَقَ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ مِنَ الْبَابِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ حَلَفَ أُقِيمَ عَلَى الْقَاذِفِ، وَإِنْ نَكَلَ، وَحَلَفَ الْقَاذِفُ، سَقَطَ حَدُّ الْقَذْفِ، وَلَا يَثْبُتُ بِحَلِفِهِ حَدُّ الزِّنَى عَلَى الْمَقْذُوفِ. وَلَوِ ادَّعَى سَرِقَةَ مَالِهِ، سُمِعَتْ دَعْوَاهُ لِلْمَالِ، وَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي، وَاسْتَحَقَّ الْمَالَ، وَلَا يَقْطَعُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ حُدُودَ اللَّهِ تَعَالَى لَا تَثْبُتُ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ، وَإِذَا أَقَرَّ بِمَا يُوجِبُ حَدًّا، وَادَّعَى شُبْهَةً بِأَنْ وَطِئَ جَارِيَةَ أَبِيهِ، وَقَالَ: ظَنَنْتُهَا تَحِلُّ لِي، وَهُوَ مِمَّنْ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَبِهَ عَلَيْهِ مِثْلُهُ، حَلَفَ وَسَقَطَ بِحَلِفِهِ الْحَدُّ، وَلَزِمَ الْمَهْرُ، وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى. وَيَجْرِي التَّحْلِيفُ فِي الْقَصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ، وَكَذَا فِي الشَّتْمِ وَالضَّرْبِ الْمُوجِبَيْنِ لِلتَّعْزِيرِ.

الثَّانِيَةُ: ادَّعَى عَلَى الْقَاضِي أَنَّهُ ظَلَمَهُ فِي الْحُكْمِ، أَوْ عَلَى الشَّاهِدِ أَنَّهُ تَعَمَّدَ الْكَذِبَ أَوِ الْغَلَطَ، أَوِ ادَّعَى عَلَيْهِ مَا يُسْقِطُ شَهَادَتَهُ، لَمْ يَحْلِفَا لِارْتِفَاعِ مَنْصِبِهِمَا عَنِ التَّحْلِيفِ، وَقَدْ سَبَقَ هَذَا فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ، وَفِي أَوَّلِ أَدَبِ الْقَضَاءِ، وَلَوِ ادَّعَى عَلَى الْمَعْزُولِ أَنَّهُ حَكَمَ أَيَّامَ قَضَائِهِ عَلَيْهِ ظُلْمًا، وَأَنْكَرَ، فَقَدْ سَبَقَ وَجْهَانِ فِي أَنَّهُ يَحْلِفُ أَمْ يُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ، هَذَا فِي دَعْوَى تَتَعَلَّقُ بِالْحُكْمِ، وَأَمَّا مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالْحُكْمِ، كَدَعْوَى مَالٍ وَغَيْرِهِ، فَهُوَ كَسَائِرِ النَّاسِ فِي الْخُصُومَاتِ الشَّرْعِيَّةِ يَحْكُمُ فِيهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَّعِي خَلِيفَتُهُ، أَوْ قَاضٍ آخَرُ.

الثَّالِثَةُ: الصَّبِيُّ إِذَا ادَّعَى الْبُلُوغَ بِالِاحْتِلَامِ فِي وَقْتِ الْإِمْكَانِ، صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ، كَمَا سَبَقَ فِي الْإِقْرَارِ، وَمَنِ ادُّعِيَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، فَقَالَ: أَنَا صَبِيٌّ بَعْدُ وَهُوَ مُحْتَلِمٌ، لَمْ يَحْلِفْ، وَتُوقَفُ الْخُصُومَةُ حَتَّى يَبْلُغَ، وَإِنْ وَقَعَ فِي السَّبْيِ مَنْ أَنْبَتَ، وَقَالَ: اسْتَنْبَتُّ الشَّعْرَ بِالْعِلَاجِ، وَأَنَا غَيْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>