للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِشَيْءٍ إِنْ قُلْنَا بِالِاسْتِحْبَابِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْإِيجَابِ، فَإِنِ انْحَصَرَ الْمُسْتَحِقُّونَ فِي الْبَلَدِ، وَقُلْنَا بِامْتِنَاعِ النَّقْلِ، رُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَيْهِمْ، وَإِلَّا فَيَتَعَذَّرُ الرَّدُّ عَلَى السَّاعِي وَالسُّلْطَانِ، وَفِيمَا يَفْعَلُ أَوْجُهٌ، أَحَدُهَا: لَا يُطَالَبُ بِشَيْءٍ إِذَا لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ حُجَّةٌ، وَالثَّانِي: يُحْبَسُ حَتَّى يُقِرَّ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ، أَوْ يَحْلِفُ فَيُتْرَكُ، وَالثَّالِثُ: إِنْ كَانَ صَاحِبُ الْمَالِ عَلَى صُورَةِ الْمُدَّعِي بِأَنْ قَالَ: أَدَّيْتُ فِي بَلَدٍ آخَرَ، أَوْ إِلَى سَاعٍ آخَرَ، أُخِذْتَ مِنْهُ الزَّكَاةُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى صُورَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنْ قَالَ: مَا تَمَّ حَوْلِي أَوِ الَّذِي فِي يَدِي لِفُلَانٍ الْمَكَاتَبِ، لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ. وَالرَّابِعُ - وَهُوَ الْأَصَحُّ الْأَشْهَرُ - يُؤْخَذُ مِنْهُ الزَّكَاةُ، وَكَيْفَ سَبِيلُهُ؟ وَجْهَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ: هُوَ حُكْمٌ بِالنُّكُولِ، وَرَوَاهُ عَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ، وَسَبَبُهُ الضَّرُورَةُ، وَقَالَ الْجُمْهُورُ: لَيْسَ حُكْمًا بِالنُّكُولِ، لَكِنْ مُقْتَضَى مِلْكِ النِّصَابِ وَمُقْتَضَى الْحَوْلِ الْوُجُوبُ، فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ دَافِعٌ، أَخَذْنَا الزَّكَاةَ.

الثَّانِيَةُ: إِذَا مَاتَ ذِمِّيٌّ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ، فَهَلْ عَلَيْهِ قِسْطُ مَا مَضَى، أَمْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؟ قَوْلَانِ سَبَقَا، فَلَوْ غَابَ ذِمِّيٌّ، ثُمَّ عَادَ مُسْلِمًا، فَقَالَ: أَسْلَمْتُ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ، فَلَيْسَ عَلَيَّ جِزْيَةٌ، أَوْ لَيْسَ تَمَامُهَا، وَقَالَ عَامِلُ الْجِزْيَةِ: بَلْ أَسْلَمْتُ بَعْدَهَا، فَعَلَيْكَ تَمَامُ الْجِزْيَةِ، حَلَفَ الَّذِي أَسْلَمَ اسْتِحْبَابًا فِي وَجْهٍ، وَإِيجَابًا فِي وَجْهٍ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْإِيجَابِ فَنَكَلَ، فَهَلْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْجِزْيَةِ، أَمْ لَا يُطَالَبُ بِشَيْءٍ، أَمْ يُحْبَسُ لِيُقِرَّ، فَيُؤْخَذَ مِنْهُ، أَوْ يَحْلِفُ فَيُتْرَكُ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ. قَالَ الْإِمَامُ: وَقَيَّدَ ابْنُ الْقَاصِّ بِمَا إِذَا غَابَ، ثُمَّ عَادَ مُسْلِمًا، وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَنَا، وَصَادَفْنَاهُ مُسْلِمًا بَعْدَ السَّنَةِ، وَادَّعَى أَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ تَمَامِهَا، وَكَتَمَ إِسْلَامَهُ، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَكْتُمْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>