للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِطْلَاقِهِمَا إِذَا سَمِعْنَا بَيِّنَةَ الدَّاخِلِ مُطْلَقَةً. وَلَوْ تَعَرَّضْنَا لِلسَّبَبِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَّفِقَ السَّبَبَانِ أَوْ يَخْتَلِفَا، وَلَا بَيْنَ أَنْ يُسْنَدَ الْمِلْكُ إِلَى شَخْصٍ، بِأَنْ يَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ: اشْتَرَيْتُهُ مِنْ زَيْدٍ، أَوْ يُسْنَدَ إِلَى شَخْصَيْنِ وَفِيمَا إِذَا أُسْنِدَ إِلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ أَنَّهُمَا يَتَسَاوَيَانِ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْيَدَ كَانَتْ لِثَالِثٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ يَدَّعِي الِانْتِقَالَ مِنْهُ.

فَرْعٌ

مَتَّى تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ، لَهَا أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ، أَحَدُهَا: أَنْ يُقِيمَهَا قَبْلَ أَنْ يُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْءٌ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ إِنَّمَا تُقَامُ عَلَى خَصْمٍ، وَقِيلَ: تُسْمَعُ لِغَرَضِ التَّسْجِيلِ. الثَّانِي: يُقِيمُهَا بَعْدَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ، وَقَبْلَ أَنْ يُقِيمَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً، فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي جَانِبِهِ الْيَمِينُ، فَلَا يُعْدَلُ عَنْهَا مَا دَامَتْ كَافِيَةً، وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ لِدَفْعِ الْيَمِينِ كَالْمُودِعِ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ عَلَى الرَّدِّ وَالتَّلَفِ، وَإِنْ كَفَتْهُ الْيَمِينُ. الثَّالِثُ: يُقِيمُهَا بَعْدَ أَنْ أَقَامَ الْخَارِجُ الْبَيِّنَةَ، لَكِنْ قَبْلَ أَنْ يَعْدِلَهَا، فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا تُسْمَعُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَغْنٍ عَنْهَا بَعْدُ، وَأَصَحُّهُمَا تُسْمَعُ، وَيُحْكَمُ بِهَا؛ لِأَنَّ يَدَهُ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ مُعَرَّضَةٌ لِلزَّوَالِ، فَيَحْتَاجُ إِلَى تَأْكِيدِهَا. الرَّابِعُ: يُقِيمُهَا بَعْدَ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي وَتَعْدِيلِهَا، فَقَدْ أَقَامَهَا فِي أَوَانِ إِقَامَتِهَا، فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا حَتَّى قَضَى الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي، وَسَلَّمَ الْمَالَ إِلَيْهِ، نُظِرَ إِنْ لَمْ يُسْنَدِ الْمِلْكَ إِلَى مَا قَبْلَ إِزَالَةِ الْيَدِ، فَهُوَ الْآنَ مُدَّعٍ خَارِجٌ، وَإِنْ أَسْنَدَهُ، وَاعْتَذَرَ بِغَيْبَةِ الشُّهُودِ وَنَحْوِهَا، فَهَلْ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، وَهَلْ تُقَدَّمُ بِالْيَدِ الْمُزَالَةِ بِالْقَضَاءِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، وَيُنْقَضُ الْقَضَاءُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهَا إِنَّمَا أُزِيلَتْ، لِعَدَمِ الْحُجَّةِ، وَقَدْ ظَهَرَتِ الْحُجَّةُ، فَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الْحُكْمِ لِلْمُدَّعِي، وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ إِلَيْهِ، سُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ، وَقُدِّمَتْ عَلَى الصَّحِيحِ لِبَقَاءِ الْيَدِ حِسًّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>