فَرْعٌ
فِي يَدِهِ دَارٌ حَكَمَ لَهُ حَاكِمٌ بِمِلْكِهَا، فَادَّعَى خَارِجٌ انْتِقَالَ الْمِلْكِ مِنْهُ إِلَيْهِ، وَشَهِدُوا بِانْتِقَالِهِ إِلَيْهِ بِسَبَبٍ صَحِيحٍ، وَلَمْ يُبَيِّنُوهُ، قَالَ الْهَرَوِيُّ: وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ، فَأَفْتَى فِيهَا فُقَهَاءُ هَمْدَانَ بِسَمَاعِ الدَّعْوَى، وَالْحُكْمِ بِهَا لِلْخَارِجِ، كَمَا لَوْ عَيَّنُوا السَّبَبَ، وَكَذَا أَفْتَى الْمَاوَرْدِيُّ، وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، قَالَ: وَمَيْلِي إِلَى أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ مَا لَمْ يُبَيِّنُوا، وَهُوَ طَرِيقَةُ الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ أَسْبَابَ الِانْتِقَالِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، فَصَارَ كَالشَّهَادَةِ بِأَنَّ فُلَانًا وَارِثٌ لَا يُقْبَلُ مَا لَمْ يُبَيِّنْ جِهَةَ الْإِرْثِ.
الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْعُقُودِ، وَفِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ:
الْأُولَى: إِذَا قَالَ الْمُكْرِي: أَكَرَيْتُكَ هَذَا الْبَيْتَ شَهْرَ كَذَا بِعَشَرَةٍ، فَقَالَ: اكْتَرَيْتُ جَمِيعَ الدَّارِ بِالْعَشَرَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ تَحَالَفَا، ثُمَّ يُفْسَخُ الْعَقْدُ أَوْ يَنْفَسِخُ عَلَى مَا سَبَقَ فِي بَابِ التَّحَالُفِ، وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أُجْرَةُ مِثْلِ مَا سَكَنَ فِي الدَّارِ أَوِ الْبَيْتِ، فَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً دُونَ الْآخَرِ، قُضِيَ بِالْبَيِّنَةِ، فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ، فَقَوْلَانِ، وَقِيلَ: وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا خَرَّجَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ، تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ، لِاشْتِمَالِهِمَا عَلَى زِيَادَةٍ وَهِيَ اكْتِرَاءُ جَمِيعِ الدَّارِ، وَأَظْهَرُهُمَا، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ: يَتَعَارَضَانِ، فَيَكُونُ عَلَى قَوْلَيِ التَّعَارُضِ، وَإِنْ قُلْنَا: بِالسُّقُوطِ، تَحَالَفَا، وَإِنْ قُلْنَا: بِالِاسْتِعْمَالِ، جَازَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَفِي الْيَمِينِ مَعَهَا الْخِلَافُ السَّابِقُ. وَقَالَ ابْنُ سَلَمَةَ: لَا يُقْرَعُ؛ لِأَنَّ الْقُرْعَةَ عِنْدَ تَسَاوِي الْجَانِبَيْنِ، وَلَا تُسَاوِي؛ لِأَنَّ جَانِبَ الْمُكْرِي أَقْوَى لِمِلْكِ الرَّقَبَةِ، وَأَمَّا الْوَقْفُ وَالْقِسْمَةُ، فَلَا يَجِبَانِ هَكَذَا أَطْبَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَفِيهِ إِشْكَالٌ، وَنَقَلَ الْمَاسَرْجِسِيُّ قَوْلًا أَنَّهُ تَجِيءُ الْقِسْمَةُ فِي الْمِلْكِ، وَالْوَقْفِ فِي الْأُجْرَةِ. وَلَوِ اخْتَلَفَا وَالزِّيَادَةُ فِي جَانِبِ الْمُكْرِي، بِأَنْ قَالَ: أَكْرَيْتُكَ بِعِشْرِينَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute