أَظْهَرُهُمَا: الثَّانِي، وَرَجَّحَ جَمَاعَةٌ الْأَوَّلُ. وَلَوْ عُلِمَ عَيْنُ السَّابِقِ، ثُمَّ جُهِلَتْ، فَقِيلَ بِطَرْدِ الْقَوْلَيْنِ، وَالْمَذْهَبُ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ يُعْتَقُ مِنْ كُلِّ عَبْدٍ نِصْفُهُ. وَلَوْ عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدَيْنِ بِالْمَوْتِ، أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِمَا وَمَاتَ، وَكُلُّ وَاحِدٍ ثُلُثُ مَالِهِ، أَقْرَعَ، سَوَاءٌ وَقَعَ التَّعْلِيقَانِ أَوِ الْوَصِيَّتَانِ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا. وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ الْمَرِيضَ أَعْتَقَ سَالِمًا وَبَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَعْتَقَ غَانِمًا، وَكُلُّ وَاحِدٍ ثُلُثَ مَالِهِ، فَإِنْ أُرِّخَتَا تَارِيخًا مُخْتَلِفًا، عَتَقَ مَنْ أَعْتَقَهُ أَوَّلًا، وَإِنِ اتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا، أَقْرَعَ، وَإِنْ أُطْلِقَتْ إِحْدَاهُمَا، فَفِي «التَّهْذِيبِ» أَنَّهُ يُقْرَعُ، لِاحْتِمَالِ التَّرْتِيبِ وَالْمَعِيَّةِ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: احْتِمَالُ التَّرْتِيبِ أَقْرَبُ، وَأَغْلَبُ مِنِ احْتِمَالِ الْمَعِيَّةِ، وَالسَّابِقُ مِنْهُمَا غَيْرُ مَعْلُومٍ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، وَتَعَارَضَتَا، وَأُطْلِقَتَا، عَرَفْنَا أَنَّ أَحَدَ الصِّنْفَيْنِ سَابِقٌ، وَلَمْ نَعْرِفْهُ بِعَيْنِهِ، فَيَجِيءُ الْقَوْلَانِ فِي أَنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، أَمْ يُعْتَقُ مَنْ كُلِّ عَبْدٍ نِصْفُهُ؟ وَمِنْ فُرُوعِ الْقَوْلَيْنِ مَا لَوْ قَامَتِ الْبَيِّنَتَانِ كَذَلِكَ، لَكِنَّ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ سُدُسُ الْمَالِ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْقُرْعَةِ، فَخَرَجَتْ لِلْعَبْدِ الْخَسِيسِ، عَتَقَ وَعَتَقَ مَعَهُ نِصْفُ الْآخَرِ لِيُكْمِلَ الثُّلُثَ، وَإِنْ خَرَجَتْ لِلنَّفِيسِ، عَتَقَ وَحْدَهُ، وَإِنْ قُلْنَا هُنَاكَ: يُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُهُ، فَهَاهُنَا وَجْهَانِ، الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ: يُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثَاهُ، كَمَا لَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلِثِ مَالِهِ، وَلِآخَرَ بِسُدُسِهِ، أَعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ ثُلُثَيْ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ. وَالثَّانِي: يُعْتَقُ مِنَ النَّفِيسِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ، وَمِنَ الْخَسِيسِ نِصْفُهُ؛ لِأَنَّهُ إِنْ سَبَقَ عِتْقُ النَّفِيسِ عَتَقَ كُلُّهُ، وَإِنْ سَبَقَ الْخَسِيسُ فَنَصِفُ النَّفِيسِ بَعْدَهُ حُرٌّ، فَأَحَدُ نِصْفَيْهِ حُرٌّ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ وَالنِّزَاعُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي وَهُوَ قَدْرُ سُدُسِ الْمَالِ، فَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا، فَيُعْتَقُ مِنَ النَّفِيسِ رُبُعٌ آخَرُ، وَمِنَ الْخَسِيسِ نِصْفُهُ. وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَتَانِ بِتَعْلِيقِ عِتْقِ عَبْدَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute