الشَّهَادَةِ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا تَبْعِيضَ، وَبِهِ أَجَابَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُمَا فِيهِ أَيْضًا، وَيُعْتَقُ الْعَبْدَانِ، الْأَوَّلُ بِشَهَادَةِ الْأَجَانِبِ، وَالثَّانِي بِإِقْرَارِ الْوَرَثَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُونَا جَائِزَيْنِ، عَتَقَ مِنْهُ قَدْرُ مَا يَسْتَحِقَّانِهِ، فَإِنْ قُلْنَا: تُبَعَّضُ، عَتَقَ نِصْفُ الْأَوَّلِ، وَكُلُّ الثَّانِي. وَحُكِيَ وَجْهٌ أَنَّ الرُّجُوعَ لَا يَتَبَعَّضُ، فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ فِي الْبَعْضِ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْبَاقِي، فَتَبْقَى الشَّهَادَةُ بِالْوَصِيَّةِ بِعِتْقِ الْعَبْدَيْنِ، فَيَقْرَعُ كَمَا سَبَقَ، وَهَذَا الْخِلَافُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ وَصِيَّةٌ أُخْرَى. فَإِنْ كَانَ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِرَجُلٍ، وَقَامَتِ الْبَيِّنَتَانِ لِغَانِمٍ وَسَالِمٍ كَمَا ذَكَرْنَا، قُبِلَتْ شَهَادَةُ الْوَرَثَةِ بِالرُّجُوعِ عَنْ وَصِيَّةِ غَانِمٍ؛ لِأَنَّ لِلْوَرَثَةِ رَدَّ الزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ، فَلَيْسَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الرُّجُوعِ تُهْمَةٌ، فَيُجْعَلُ الثُّلُثُ أَثْلَاثًا بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ، وَعِتْقِ سَالِمٍ، فَيُعْطَى الْمُوصَى لَهُ ثُلُثَ الثُّلُثِ، وَيُعْتَقُ مِنْ سَالِمٍ ثُلُثَاهُ، وَهُوَ ثُلُثُ الثُّلُثِ، هَكَذَا ذَكَرُوهُ، لَكِنْ بِرَدِّ الزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ لَا يُوجِبُ حِرْمَانَ بَعْضِ أَصْحَابِ الْوَصَايَا، بَلْ يُوَزَّعُ عَلَيْهِمُ الثُّلُثُ. وَقَبُولُ شَهَادَةِ الثُّلُثِ تُوجِبُ إِرْقَاقَ غَانِمٍ وَحِرْمَانَهُ، وَهُوَ مَحَلُّ تُهْمَةٍ، لِتَعَلُّقِ الْأَغْرَاضِ بِأَعْيَانِ الْعَبِيدِ. فَإِنْ كَانَ الْوَارِثَانِ فَاسِقَيْنِ عَتَقَ غَانِمٌ بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ، وَعَتَقَ سَالِمٌ بِإِقْرَارِهِمَا. وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ غَانِمٍ سُدُسَ الْمَالِ، وَسَالِمٍ ثُلُثَهُ، قُبِلَ شَهَادَتُهُمَا عَلَى الرُّجُوعِ عَنْ وَصِيَّةِ غَانِمٍ، وَأُعْتِقَ سَالِمٌ. فَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ عَتَقَ الْأَوَّلُ، وَعَتَقَ مِنْ سَالِمٍ بِقَدْرِ ثُلُثِ الْبَاقِي مِنَ الْمَالِ، وَهُوَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ سَالِمٍ، وَكَأَنَّ الْأَوَّلَ تَلِفَ. وَلَوْ شَهِدَ أَجْنَبِيَّانِ أَنَّهُ نُجِزَ عِتْقُ غَانِمٍ فِي الْمَرَضِ وَوَارِثَانِ أَنَّهُ نُجِزَ عِتْقُ سَالِمٍ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا ثُلُثُ الْمَالِ، نُظِرَ، إِنْ كَذَبَ الْوَارِثَانِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ وَقَالَا: لَمْ يُعْتِقْ غَانِمًا، وَإِنَّمَا أَعْتَقَ سَالِمًا، عَتَقَ الْعَبْدَانِ
[فَإِنْ] لَمْ يَكُونَا جَائِزَيْنِ، عَتَقَ مِنْ سَالِمٍ قَدْرُ حِصَّتِهِمَا، وَاسْتَدْرَكَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَقَالَ: قِيَاسُ مَا سَبَقَ أَنْ لَا يُعْتَقَ مِنْ سَالِمٍ إِلَّا قَدْرُ مَا يَحْتَمِلُهُ ثُلُثُ الْبَاقِي مِنَ الْمَالِ بَعْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute