للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِنْ خَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ كُلُّهُ، نَفَذَتِ الْوَصِيَّةُ فِي الْقَدْرِ الَّذِي يَخْرُجُ.

وَهُنَا فَائِدَتَانِ، إِحْدَاهُمَا: قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: عِنْدِي أَنَّهُ إِذَا أَوْصَى بِالتَّكْمِيلِ، لَا يُكَمَّلُ إِلَّا بِاخْتِيَارِ الشَّرِيكِ ; لِأَنَّ التَّقْوِيمَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَحَقًّا لَا يَصِيرُ مُسْتَحَقًّا بِاخْتِيَارِ الْمُعْتِقِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُعْتِقَ لَوْ كَانَ مُعْسِرًا، ثُمَّ أَيْسَرَ، أَوْ قَالَ: قَوِّمُوهُ عَلَيَّ حَتَّى أَسْتَقْرِضَ، لَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ، وَالْجُمْهُورُ أَطْلَقُوا، وَوَجَّهَهُ الرُّويَانِيُّ بِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي الثُّلُثِ. وَإِذَا أَوْصَى بِالتَّكْمِيلِ، فَقَدِ اسْتَبْقَى لِنَفْسِهِ قَدْرَ قِيمَةِ الْعَبْدِ مِنَ الثُّلُثِ، فَكَانَ مُوسِرًا بِهِ.

الثَّانِيَةُ: ذَكَرَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ أَنَّ لِصُورَةِ الْوَصِيَّةِ بِالتَّكْمِيلِ أَنْ يَقُولَ: اشْتَرُوا نَصِيبَ الشَّرِيكِ، فَأَعْتِقُوهُ، فَأَمَّا إِذَا قَالَ: أَعْتِقُوهُ إِعْتَاقًا سَارِيًا، فَلَا خَيْرَ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ ; لِأَنَّهُ لَا سِرَايَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَإِنْ أَعْتَقْنَا نَصِيبَهُ، فَالَّذِي أَتَى بِهِ وَصِيَّةٌ بِمُحَالٍ. وَلَوْ مَلَكَ نِصْفَيْ عَبْدَيْنِ، فَأَوْصَى بِإِعْتَاقِ نَصِيبِهِ مِنْهُمَا بَعْدَ مَوْتِهِ، أَعْتَقَ عَنْهُ النَّصِيبَانِ، وَلَا سِرَايَةَ. وَلَوْ قَالَ مَعَ ذَلِكَ: وَكَمِّلُوا عِتْقَهُمَا، فَإِنْ خَرَجَا مِنَ الثُّلُثِ، كَمَنْ عَتَقَهُمَا، وَإِنْ خَرَجَ الْبَاقِي مِنْ أَحَدِهِمَا، فَطَرِيقَانِ حَكَاهُمَا الْبَغَوِيُّ.

أَحَدُهُمَا: فِيهِ الْوَجْهَانِ فِيمَنْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ النَّصِيبَيْنِ، وَلَمْ يَخْرُجْ مِنَ الثُّلُثِ إِلَّا نَصِيبَاهُ مَعَ الْبَاقِي مِنْ أَحَدِهِمَا، فَفِي وَجْهٍ: يَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ، وَفِي آخَرَ: يُقْرَعُ، فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ، أَعْتَقَ كُلَّهُ، وَأَعْتَقَ مِنَ الْآخَرِ نَصِيبَهُ لَا غَيْرَ. الثَّانِي: الْقَطْعُ بِالْقُرْعَةِ ; لِأَنَّهُ قَصَدَ التَّكْمِيلَ هُنَا حَيْثُ أَوْصَى بِهِ، فَيُرَاعَى مَقْصُودُهُ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>